strong>محمد عبد الرحمن
حتى الأمس القريب، كانت حفلات «ليالي التلفزيون» تمثّل محطةً أساسية لإطلاق الأصوات الجديدة وتكريس نجومية المطربين لدى الجمهور المصري الذي كان يتابع حفلات الصيف باهتمام بالغ، بسبب انتمائه إلى هذه القناة دون سواها. هكذا كانت إعلانات الحفلات تغزو شوارع القاهرة، حتى وصل الأمر إلى أن حفظ المشاهد أسماء مراكز بيع التذاكر، بسبب تكرارها على شاشات المحطات الأرضية الثلاث. أضف إلى ذلك أن أسماء مثل كاظم الساهر ونوال الزغبي وراغب علامة... تدين كثيراً إلى هذه السهرات التي كانت تتزامن مع طرح ألبوماتهم في القاهرة، فتساعدهم على الانتشار في بلاد النيل.
لكن الرياح جرت بعكس ما اشتهاه جمهور «ليالي التلفزيون»، وهو الاسم الذي كان يُطلق على حفلات التلفزيون المصري، بعيداً عن الإذاعة المصرية التي أطلقت في الستينيات حفلات «ليالي أضواء المدينة»، وشارك فيها آنذاك نجوم الغناء والكوميديا. وما زالت الإذاعة تعيد بثّ مقاطع من تلك الحفلات حتى اليوم... ثم عادت «ليالي أضواء المدينة» خلال التسعينيات، لكنها سرعان ما اختفت بسبب قوة «ليالي التلفزيون».
إلا أن المشهد تبدّل كثيراً في السنوات الأخيرة، حتى طال جميع قطاعات الإعلام المصري الرسمي، وهو ما أدى إلى عزوف المشاهدين عن متابعة المحطات الأرضية والفضائية المصرية. وأسهم ذلك في إهمال المسؤولين للحفلات، فكانت النتيجة سهرات خفيفة مع مغنيي الدرجة الثانية.
ثم جاء صيف 2007، وفوجئ الجمهور والصحافة بأن التلفزيون يقيم حفلاته هذا العام، من دون أن يسمع أحد عنها. هكذا مرت حفلة أنغام مع وائل جسار ومي سليم، مرور الكرام. وكرّت المسبحة مع كارول سماحة ثم أصالة نصري ورامي صبري، وحكيم وباسكال مشعلاني يوم الجمعة الماضي، من دون أي أثر في الشارع، أو إعلانات على الطرقات، أو تغطيات في الصحف...
ما سبب كل هذا التقصير؟ يعترف مسؤولون في التلفزيون بأنهم آثروا الابتعاد عن «وجع القلب» وطلبات المطربين التي لا تنتهي، فأسندوا مهمة التنظيم إلى شركة خاصة، ليتكرر من جديد مسلسل «الاتّفاق على الفشل» الذي يجمع التلفزيون دائماً مع شركات خاصة تشتري ساعات إرسال من دون أن يحاسبها أحد على المضمون. وبعدما أخلّت الشركة بوعودها، فلم تلتزم بقائمة المطربين، ولم تحرص على الدعاية، اضطرت إدارة التلفزيون إلى التدخل، علّها تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الآوان، خصوصاً أن الشركة وفّرت من حجم الإعلانات ـــــ لأن إيرادات الحفلات تعود إلى جعبتها ـــــ على اعتبار أن التلفزيون يقدم ساعات البثّ مجاناً مقابل أن يتغنّى المسؤولون فيه بإنجازاتهم الصيفية.
ولعلّ أكثر ما أجبر الإدارة على التحرّك هو الحفلة التي يحييها كاظم الساهر هذا المساء، إذ علت أصوات محبّي الساهر احتجاجاً على «المهزلة التي تشهدها الكواليس». فهذه هي المرة الأولى التي يفشل فيها جمهور المطرب العراقي في الحصول على تذاكر الحفلة، حتى أنهم لا يعرفون أين ومتى يمكنهم شراؤها. وبعدما كان الساهر يغنّي من دون مقابل كل مرة يدعى إلى حفلات «ليالي التلفزيون» التي شهدت انطلاقته في مصر قبل أكثر من عشرة أعوام، ها هي إدارته تطالب بأجره هذا العام، «ما دام أن الريع يعود إلى شركة خاصة».
وقد أوضحت رئيسة التلفزيون سوزان حسن لـ«الأخبار» أن فريقها سيتولى الإشراف على حفلة الساهر مباشرة، مشيرة إلى أن أخطاء هذا الموسم لن تتكرر. وعلى رغم التهدئة، لا تزال أصوات المحتجين ترتفع، خصوصاً في ما يتعلق بالاستعانة بمخرجين لا يملكون خبرة نقل الحفلات مباشرة على الهواء. إضافة إلى غياب نجوم الأغنية المصرية اعتراضاً على استمرار التعامل معهم باستخفاف، ومطالبتهم بغض الطرف عن الأخطاء، «من أجل مصر». وكان علي الحجار قد فجّر أزمة قبل ثلاث سنوات، عندما صرح بأن داخل المبنى العتيق هناك من يطلب أموالاً من المغني حتى يضمّه إلى قائمة نجوم الحفلات...