قبل عام زار أنور براهم بيروت من دون عوده، جاء يبحث عن شيء آخر. عن بيروت حتماً؟ عن نفسه ربّما. عن أشياء تستعصي على القول في كل الأحوال. جاء يحمل غصّة اختزنها في حلقه أسابيع طويلة صعبة، من ذاك الصيف الدموي الذي أمضاه في بيته في قرطاج، ضاحية العاصمة التونسية، متنقلاً بين القنوات الفضائية، محاولاً أن يفهم: ماذا يحدث في لبنان؟ وكيف يمكن أن يحدث؟ وهو على يقين من أنه سيخرج بمزيد من الأسئلة، ومزيد من الحيرة.في بيروت التقط اللحظات الأولى لمجتمع خارج من ذهوله. راح يصغي، ويصوّر جراح البلد. ترك لمجموعة من الكتّاب والمبدعين والإعلاميين أن يقولوا نظرتهم إلى الراهن والمستقبل، أن يبوحوا بجراحهم، ويجاهروا بمواقفهم المتناقضة. «هذا هو لبنان بتنوّعه، وغنى موارده البشريّة، وحريّة الكلمة فيه»، يؤكد الموسيقي الذي ألف للسينما والمسرح قبل أن يأخذه الجرح اللبناني إلى تحقيق فيلمه الأول.
عاد أنور براهم إلى تونس بساعات لا تحصى من المواد والحوارات. وبعد أشهر شاقة من المونتاج، خرج الفيلم إلى النور، يحمل تساؤلاته ومشاهداته وموسيقاه أيضاً. «كلمات ما بعد الحرب ــــ لبنان صيف 2006» (تصوير شكيب السافي، صوت محب شهناز، مونتاج نادية بن رشيد. إنتاج Familia Production بالاشتراك مع أنور براهم). إنها شهادته إذا جاز التعبير، في اليوم الأول بعد الكارثة! في الشريط الذي أثار الاهتمام خلال مهرجان «لوكارنو» الأخير، تتقاطع نظرات إلياس خوري، برنار خوري، بيار أبي صعب، جوزف سماحة، ربيع مروّة، ريما خشيش، عباس بيضون، هانية مروّة. فؤاد خوري أيضاً حاضر من خلال صوره، وكذلك مارلين ستانفورد. الفيلم مهدى إلى جوزف سماحة.

هذا المساء عند الثامنة والنصف
مسرح المدينة ـــــ شارع الحمراء، بيروت