باسم الحكيم
بين تدمر وبيت الدين وجبيل، قضى المخرج السوري أكثر من أربعة أشهر يصوّر حلقات «حواء في التاريخ». السلسلة التي تروي سير أشهر نساء العرب وتزخر بالإسقاطات السياسية، أصبحت محطةً سنويةً... والعرض الأول في رمضان على LBC

في وقت يغزو نجوم الدراما السورية مصر حيث يصوّرون أعمالهم بالجملة، يتّجه المخرج السوري محمد رجب إلى تثبيت أقدامه أكثر فأكثر في الدراما اللبنانيّة. وبعدما أوشك على الانتهاء من تصوير ومونتاج خمس خماسيات وسداسية ضمن سلسلة «حواء في التاريخ» للكاتبة كلوديا مرشليان، اتفق مع الشركة المنتجة «مروى غروب» على تحويل السلسلة إلى محطة سنوية في شهر رمضان، ويعدّ لعمل تاريخي آخر تكتبه مرشليان أيضاً.
رحلة رجب مخرجاً في الدراما السورية لم تكن طويلة. بدأها مساعداً مع نجدت أنزور في مسلسلاته التاريخيّة وأعماله الفانتازية، على امتداد عشر سنوات تقريباً، وأخرج قبل ذلك مسلسلين في منطقة الخليج، يصف تجربته فيهما بالمتواضعة، حتى إنّه يفضّل عدم ذكر عنوانيهما. وإذا كان يعتزّ بباكورة أعماله الإخراجيّة «الفعلية» في رمضان الماضي، «انتقام الوردة» للكاتب محمود عبد الكريم وبطولة جومانا مراد، «وقد عرضته 12 فضائية حتى الآن»، يراهن على سلسلة «حواء في التاريخ» الذي سيقدّم سيرة حياة شخصيات نسائيّة شهيرة في حلقات درامية ـــــ وثائقيّة. ويشير إلى أنّ «من يطّلع على حياتهنّ، يدرك تماماً أن المجتمع العربي كان منفتحاً، ما ينفي عنه تهمة ظلم المرأة وقمعها. والدليل أن أولئك النسوة وصلن إلى سدّة الحكم، أي أنّ المجتمع لم يكن ذكورياً مئة في المئة... نحن أعطينا المرأة حقوقها حتى قبل الميلاد بألفي سنة. أضف إلى ذلك أنّ قيمة هذه الشخصيات التاريخيّة تكمن في إمكان إسقاط محطات من سيرها على واقعنا الحالي».
وبعدما اتفق على تنفيذ عشر ثلاثيات عن عشر شخصيات في المرحلة الأولى، تقلّص العدد إلى ستّ مع توسيع المدى الزمني لكل منها، وذلك «بهدف إيفاء كل شخصية حقّها، وخصوصاً أن حياتهنّ كانت غنية جداً، ولن تفيها ثلاث حلقات حقّها». هكذا ستتحول قصة زنوبيا (جومانة مراد)، كليوباترا (كارول سماحة)، نفرتيتي (نادين الراسي)، إليسار (ريتا برصونا)، وولّادة بنت المستكفي (نيكول سابا) إلى خماسيات، وتتحول قصة شهرزاد (سيرين عبد النور) إلى سداسيّة، على أن يؤجل تنفيذ رابعة العدوية، ليلى العامرية وبلقيس ملكة سبأ، وسواهن إلى رمضان المقبل. يتوقف عند شخصية شهرزاد التي «حاولنا أن نعطيها بعداً إنسانيّاً، ونحوّلها إلى امرأة من لحم ودم، مسلّطين الضوء على علاقتها بشهريار، من دون حصرها في شخصيّة الراوية فقط». ويشير إلى اتّفاقه مع الكاتبة والمنتج «على جعل السلسلة دائمة، فننجز في كل موسم ثلاث أو أربع شخصيات، في إطار سباعيات، ولا سيّما أن ثمة العديد من الشخصيات النسائية في عالمنا العربي، جديرة بأن تطرح قصتها والإضاءة على الغموض الذي يلفّها». ويكشف عن ترشيح أمل عرفة لإحدى شخصيتين هما بلقيس وليلى، وترشيح سلاف فواخرجي لتجسيد شخصية رابعة العدوية، مشيراً إلى إمكان التعاون مع ورد الخال وميرنا مكرزل ومايا نصري التي رشّحت لشخصية ولّادة بنت المستكفي قبل أن يذهب الدور إلى نيكول سابا.
لا يبدو رجب ضليعاً بأسماء الممثلات والممثلين اللبنانيين، ويبرر ذلك بـ«أنني غير متابع للدراما اللبنانيّة التي تعرض بشكل نادر على الفضائيات، ويقتصر عرضها على الشاشات المحلية، ما جعل هذه الدراما محصورة داخل لبنان». ويعتبر أنّ سلسلة «حواء في التاريخ» التي كان من المقرر أن يخرجها سمير حبشي، ثم اعتذر لانشغاله بأعمال أخرى، «أتاحت لي فرصة التعرف ببعض النجوم اللبنانيين والمواهب الممتازة التي لم تأخذ حقها بعد على الساحة العربيّة، مثل نادين الراسي، يوسف الخال، ريتا برصونا ونزيه يوسف». ويثني على طوني عاد، «الفنان الموهوب والملتزم» في «نفرتيتي»، ويسأل: «لماذا يغيب عاد عن الدراما العربيّة بعد المسلسل التاريخي «البحث عن صلاح الدين» للمخرج نجدت أنزور؟».
وإذا كان رجب يغازل الدراما السورية ويحمل على شقيقتها المصريّة (راجع البرواز)، فهو يحمل أيضاً على السينما السوريّة ومخرجيها. ويشير إلى أن «السينما السورية هي من إنتاج المؤسسة العامة للسينما (القطاع العام). لذا، باتت حكراً على المخرجين ــــــ الموظفين في هذه المؤسسة، وهم درسوا غالباً على حساب الدولة وتوظفوا في مؤسساتها. وفي كل سنة، ينفذ أحدهم فيلمه مداورة، وإذا بالمخرج ينتظر ست سنوات تقريباً لتقديم عمل. وحين يصله الدور، تجده يضع كل إبداعاته وأحلامه وطموحاته ومخزونه الفكري والثقافي، وكل عقد الطفولة في فيلم يتحول إلى كوكتيل، أو نوع من السيرة الذاتية». ويذهب إلى اتهام هؤلاء المخرجين بالتعدي على وظيفة كاتب السيناريو، «لأن كتابة السيناريو تحتاج إلى احتراف أكبر، ولا شك في أنّ السيناريست المحترف يقدم أفضل بكثير مما يقدمه المخرج في مجال كتابة نص». ويتهم هذه الأفلام بالفشل، «لأنها في أحسن الأحوال، تحصد جائزة من أحد المهرجانات، ولا تجد نجاحاً جماهيرياً، فيما مقياس النجاح الحقيقي هو الناس».
وعن تحضيراته للمرحلة المقبلة، يكشف رجب عن عمل اجتماعي معاصر في ثلاثين حلقة منفصلة ــــــ متصلة، كتبها مازن طه وتنتجها شركة إنتاج خاصة في سوريا، يتحفظ عن ذكرها، مشيراً إلى أنّه «يناقش موضوع الزواج عبر قصص حب مختلفة ينتهي جميعها بالزواج». وهل الفرق بين هذا العمل وبين مسلسل «أهل الغرام» بأن الأول ينتهي بالزواج في حين ينتهي الثاني بالفراق؟ يؤكد رجب أن مسلسله لا يمت بصلة إلى «أهل
الغرام».
رحلة أكثر من عقد ونصف عقد قطعها محمد رجب في العمل الدرامي. مع ذلك، يعتبر أنه ما زال في البداية، ولم يخطُ خطوةً في طريق الألف ميل «لأنني لم أحقق شيئاً مما أصبو
إليه».

على LBC ابتداءً من أول رمضان