فاطمة داوود

كريستيان ديور «عمره» ستون عاماً

ضمن فعاليات أسبوع الموضة العالمي الذي ينطلق اليوم في باريس، يقدّم جون غاليانو هذا المساء أزياء الـ«هوت كوتور» الخاصة بخريف وشتاء 2007-2008. وهذه المجموعة ستكمل عرض الملابس الجاهزة التي قدّمها أخيراً بعنوان «نيو‏...‏ نيولوك»، وهي مستوحاة من أول عرض أزياء قدّمه أستاذه كريستيان ديور عام ‏1947‏، وحمل اسم «نيولوك» أو الإطلالة الجديدة. يومها جاءت أزياء ديور تعبيراً عن حالة التمرّد التي أثرت عالم الموضة بفكر متجدّد، أدى لاحقاً إلى خروج المتظاهرين في شوارع أميركا احتجاجاً على إسرافه في استعمال الأقمشة وسط سخط بعض النساء اللواتي رأين في فساتينه الطويلة، محاربةً لمطالبهن بتحرّر المرأة ومساواتها مع الرجل في المجتمع وسوق العمل. لكن هذه المرأة لم تعارض طويلاً أسلوب ديور بل راحت تبحث عنه، بعدما أدركت أنّه الوحيد القادر على إبراز أنوثتها بشكل رومانسي ومثير في آن...
رسمت تصاميم «قائد ثورة الموضة» إطاراً مختلفاً لأناقة المرأة، فأعاد إليها اعتبارها، بعدما شوّهت صورتها ويلات الحرب‏ العالمية الثانية. كان أول من حدّد خط الوسط في القصّات، وأول من ابتكر التنورة «الكلوش» الواسعة والفضفاضة، مستخدماً لصنعها ‏40‏ متراً من القماش.
وهذا ما أراد غاليانو إظهاره في تشكيلة الملابس الجاهزة لخريف وشتاء 2007-2008. عادت الفساتين الفضفاضة المصنوعة من الأقمشة الفاخرة، والمزيّنة بطبقات عدة من الكشكش، لتعكس أجواء ديور الخاصة بمظاهر البذخ والترف. وحضرت الفراء بقوة في العرض، فاحتلّت قسماً كبيراً من أكتاف العارضات وأكمامهن وأسفل التنانير، وغزت القبعات الكبيرة الخشبة، معلنةً عودة موضة الخمسينيات. فيما انتعلت العارضات أحذية ذات كعوب عالية جداً وسميكة، أدت أحياناً الى تعثّر خطواتهن، على رغم تمايلهن بخفّة وهدوء على خشبة العرض. كنّ أشبه بفتيات الـ«غيشا» اليابانيات. في العرض، عانقت باريس اليابان في تصوّر خاص يحمل توقيع جون غاليانو، المصمّم الرئيسي في محترف «كريستيان ديور». طغت روح المصمم ديور على أي شيء آخر في المجموعة: فساتين عكست شخصيته الغامضة والجديّة في آن، عشقه لوالدته، وتأثره بزهور حديقتها في فيللا Les Rhumbs (تحوّلت إلى متحف كريستيان ديور عام 1997). هناك عشق الفن وتذوّق الجمال، فملك حسّاً مرهفاً، مكّنه من رؤية الأشياء بمنظار مختلف. أراد الانطلاق في عالم يشبه حديقة أمه المليئة بالألوان، فاختار الهندسة المعمارية. لم تتقبل عائلته ميوله الفنية، وأجبرته على التخصص في مجال أكثر جدية: العلوم السياسية.
إلا أن ديور لم يكترث يوماً لدروسه، فقرر عام 1928 أن يفتتح قاعة عرض مخصصة لرسامي المدرسة الرومانسية الحديثة. لكنّ الأزمة الاقتصادية عام 1929 أنهكت عائلته، ما اضطره إلى إغلاق المعرض، بحثاً عن قوته اليومي، فتحوّل إلى مصمم أزياء في محترف لوسيان لولونغ. هكذا بقي ديور ينتظر فرصته المناسبة حتى التقى بالملياردير مارسيل بوسّاك الذي آمن بموهبته، فقرر تمويل مشروع تأسيسه داراً خاصة. وعام 1947، وبعدما اتخذت الموضة خلال الحرب فعلاً مقاوماً ضد الاحتلال الألماني في فرنسا، وبدأت أميركا تنتهج الراحة والتحرر في أزيائها (الجينز، تي ــ شيرت)، أطلق ديور العرض ــ الثورة، وبدأت حكاية الـ«نيو لوك». طبع عشقه للحدائق والطبيعة أسلوبه منذ البداية وبدا واضحاً في مجموعته «كورول» ثم «توليب» و«موغيه» اللتين امتازتا بالطبعات والتطريز بأشكال الزهور والورود. المصمّم الذي اعتبر أنّ تصميم ثوب يشبه النحت، ابتكر من تسعة ألوان درجات خاصة به، وهي‏:‏ الأسود، الأبيض، الأحمر، الذهبي، الأزرق، الليلكي، الأخضر، الزهري، الرمادي‏. فبنى عليها مجموعات الـ«هوت كوتور» الاثنتين والعشرين التي رسمها بمفرده بين 1947 و1957 حين وافته المنية.
تعاقب على إدارة الدار العريقة، أربعة مصممين مبدعين هم: إيف سان لوران، مارك بوهان، جيانفرنكو فيرّي، وجون غاليانو الذي تسلّم مهماته منذ عشر سنوات. وكان أثار قرار تعيينه حفيظة كثيرين، خوفاً على ضياع سمعة الدار الرصينة وسط جنون عاشق الـ«روك إند رول» والجانح نحو الاستعراضات المبهرجة. لكنّ المصمم البريطاني سرعان ما انتزع ثقة المنتقدين، مبرهناً عن وفائه «لمسيو ديور» تماماً مثل فرنسا الوفيّة لذكراه، والتي شرّعت أبواب متحف «ديور» للزوّار من 13 أيار (مايو) وحتى 23 أيلول (سبتمبر) المقبل.




روما تستعيد هالتهاBenvenuto Valentino


لا تبحثوا عن فالنتينو في جدول أسبوع الموضة الباريسي. هذا العام، قرّر المصمم الإيطالي الشهير إطلاق مجموعته الراقية لخريف وشتاء 2007ـــــ 2008 في بلده، احتفاءً بمرور 45 عاماً على تأسيس دار أزيائه الفاخرة.
لم تؤثّر السنوات الـ 75 في بريقه الذي يزداد توهجاً مع الوقت: فالنتينو قد يكون أحد المصممين القلة الذين انتزعوا بجدارة إجماع المصممين على الإعجاب به، على رغم طغيان الأسلوب الكلاسيكي على كلّ مجموعات الأزياء التي قدّمها بدءاً من عام 1962 في باريس، وحتى قبل ذلك بسنوات قليلة. وإن كان بعضهم يتحفظ عن كشف ذلك علناً، لكنهم يؤكدون في الكواليس أنّه ما زال «ملهم» كبار المصممين. فالكلاسيكة الراقية التي طبعت تصاميمه، تميّزت بقدرته على زرع الدهشة منذ أول عرض لمجموعة «NO COLOUR»، واختياراته الحصرية لألوان الأبيض والبيج، متحدياً بذلك الاتجاهات المتصاعدة آنذاك لاعتماد الألوان الصاخبة.
أما في السنوات اللاحقة، فقدّم تشيكلات منوّعة، أدرج فيها مجموعة غنيّة من الأقمشة المطبّعة بالورود والتطاريز المحبوكة بعناية على الجاكيتات القصيرة حدّ الخصر. وبرزت القصّات على شكل Y عند الصدر والظهر. ولم يوفّر أقمشة «التافتا» و«الدانتيل» و«الموسلين» و«الساتان» و«الشيفون» وشرائط الحرير خلال مواسم الربيع والصيف. كما استخدم بعضها خلال موسمي الخريف والشتاء ليحقّق معادلة الأناقة والإغواء معاً.
لا يكمن سرّ «ملك السجادة الحمراء» بعشقه للون الأحمر فحسب. وهو اكتشف ميله القوي إلى هذا اللون خلال زيارة إلى مدينة برشلونة، في سن السادسة عشرة، ثم أصبح سيّد الألوان في مجموعاته إلى جانب الأسود. إلا أنّ السرّ الحقيقي لإقبال الأميرات ونجمات هوليوود على أزيائه، يكمن في قدرته على تقديم فساتين حالمة رومانسية، تضجّ أنوثةً وحيويةً بأسلوب عصري ومدهش.
خلال عرضه الأخير لمجموعة خريف وشتاء 2007 ـــــ 2008 للملابس الجاهزة في باريس، قدّم فساتين طويلة، تضيق عند الخصر إما بشريط حريري أو بقصّات ضيّقة تبرز جمال الجسد، معتمداً على أقمشة الشتاء الدافئة كالجلد والفرو باهظ الثمن بطبعات النمور. وليكتمل مشهد الملابس المخصصة للشتاء، كان لا بدّ من التركيز على الألوان القاتمة أو الحادّة التي توحي بالدفئ، فطغت الألوان الداكنة على المجموعة مثل الأسود، وبرز في مكان آخر متمازجاً مع الفضي، فضلاً عن فساتين باللون الأحمر والنيلي والبيج. وجاءت في معظمها مستقيمةً غير فضفاضة إلاّ في ما ندر. أما مجموعة الملابس الراقية لخريف وشتاء 2007ـــــ 2008، فسيكشف عنها النقاب في روما، حيث تُعرض أيضاً نماذج من تصاميمه الشهيرة، إضافة إلى عرض خاص بملابس السهرة، ينظّمه للمرة الأولى في العاصمة الإيطالية منذ 17 عاماً.
وكشف رئيس بلدية روما فالتر فيلتروني ووزير الثقافة فرانشيسكو روتيلي أن الاحتفالات الرسمية به، ستستمر من 6 إلى 8 تموز (يوليو) الجاري في متحف ريتشارد ماير، وتحمل عنوان «فالنتينو في روما: 45 عاماً من الإبداع».