دبي - شيرين الفايدي
عندما أعلن المغني الإماراتي محمد المازم اعتزاله الغناء العاطفي قبل أيام قليلة على قناة «الشارقة» الفضائية، قال كل شيء إلا السبب الحقيقي الذي دفعه إلى اتخاذ هذا القرار: إخفاقه في تحقيق أي مردود يذكر في سوق الكاسيت، وعزوف الجمهور عنه. حتى المجلات الفنية لا تلاحقه لإجراء مقابلات معه، وكذلك متعهدو الحفلات يلحّون عليه للمشاركة في أمسياتهم الغنائية. هو من المغنين الذين يصعب أن تتذكّر أغانيهم. وعلى رغم أنه بدأ مشواره الفني قبل 20 عاماً، سوف تجهد ذاكرتك، قبل أن تتذكر له أغنية مثل «تكرم عينك» التي ساعدت على انتشاره إضافة إلى أغنيات قليلة أخرى.
ومن المعروف أنّ المازم عانى طويلاً من انصراف الجمهور الخليجي عنه، خصوصاً أنه ركّز في بداياته على اللهجة البيضاء لا الخليجية. أضف إلى ذلك أنّه كان يبتعد عن ارتداء الزيّ الخليجي التقليدي (الثوب والغترة)، ولا يطلّ في الإعلام الا في ما ندر.
وعندما حاول في السنوات الأخيرة كسب جمهور الخليج عبر الاهتمام باللهجة الخليجية والظهور الدائم بالزيّ الخليجي، أخفق لأنه لم يدرك ببساطة أن التجدد والبحث عن صيغة جديدة لمخاطبة الجمهور، هما الضمانة الوحيدة للنجاح. هكذا وقف في منطقة وسطية، لم يستطع فيها أن يحقق الانتشار عربياً ولا أن يحتضنه الجمهور الخليجي، فانطبق عليه المثل القائل: «لا طالوا عنب الشام ولا بلح اليمن».
وعلى رغم أنّ المازم يملك بعض مواصفات المغني الجماهيري، لم يستطع أن يخلق لدى الجمهور أي حالة من الحنين لصوته، والسبب يعود إلى عدم قدرته على استيعاب تغيّر الذوق وقراءة المفردات التي يطلبها السوق من المطرب الناجح. ابتعد محمد المازم إذاً عن الأغاني العاطفية، مكرّساً مسيرته المقبلة للإنشاد الديني وطاوياً صفحة، لم يعد مرحباً بها على حدّ وصفه. أعرب عن أسفه لما قدمه سابقاً، إذ أفرز الوسط الغنائي أخيراً «زملاء يقدّمون أعمالاً مسيئة لرسالة الفن الحقيقية». وقال إنّ عقده مع شركة «روتانا» ألغي بعد تفهم المسؤولين في الشركة لموقفه، موضحاً أن سالم الهندي، المدير العام للشركة، أكّد له أنّ «روتانا» لن تقف عقبة في الطريق الذي اخترته». علماً أنّ عقده لن ينتهي إلا بعد عامين.
وتزامناً مع إعلان الاعتزال، أنتج على نفقته الخاصة ألبوماً بعنوان «البداية» بنسختين، إحداهما من دون إيقاع والثانية إيقاعية. ويتضمّن العمل خمسة أناشيد «هادفة»، إضافة إلى فيديو كليب بعنوان «يا حبيبي يا محمد»، صُوّر في تركيا، قلّد فيه بوضوح حركات أداء سامي يوسف وأسلوبه. يبدو أن المازم انتبه إلى أن المغني البريطاني ذا الأصول الأذربيجانية أصبح أحد أبرز علامات قنوات الفيديو كليب اليوم، إذ يسارع الجميع إلى عرض أغانيه أولاً. لذا، قرر الانتقال من الأغاني العاطفية إلى الإنشاد الديني، علّه ينجح هذه المرة، في كسب تعاطف فئة جديدة من الجمهور. وفي رمضان المقبل، سيخوض تجربة التقديم التلفزيوني عبر برنامج «فاعل خير» على تلفزيون «سما دبي». ويعنى البرنامج بحثّ المشاهدين على فعل الخير، عبر تقديم التبرعات لمن يحتاج إليها. على كل حال، غياب محمد المازم لن يقدم أو يؤخر في الساحة الفنية، لكن خيار الاعتزال لا يعطيه الحقّ في تحريم الأغاني العاطفية.