بيار أبي صعب
الـ«رولينغ ستونز» لن يذهبوا للغناء في إسرائيل! لقد أثمرت التحركات والحملات الإعلامية الداعية إلى مقاطعة الدولة السبارطيّة. لكن محمود درويش ذاهب إلى حيفا، حيث يحيي أمسية شعرية في الـ«أوديتوريوم»، مساء ١٥ الجاري، بدعوة من «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة» ومجلّة «مشارف».
درويش «عائد إلى حيفا». إنّها المدينة التي احتضنت ولادته الأدبيّة، وتبلور وعيه السياسي. فيها ذاق طعم السجن والإقامة الجبريّة، وعاش عقداً كاملاً قبل خروجه النهائي، أول السبعينيات. هناك أصدر «أوراق الزيتون» (1964)، و«عاشق من فلسطين» (1966). وقد زار «البلاد» لوداع صديقه إميل حبيبي قبل ١١ عاماً، فلماذا لا يعود للقاء أهله وجمهوره من عرب الـ ٤٨، حاملاً معه صوت فلسطين، صافياً وعالياً؟ المشكلة في التوقيت، وفي شكل الدعوة، يجيب أصدقاؤنا في «الداخل». إن درويش يدخل اليوم مناطق الـ ٤٨ بإذن عسكري من جيش الاحتلال، فيما آلاف العائلات الفلسطينية الممزقة بين أشلاء الوطن، غير قادرة على لمّ شملها منذ سنوات. ويستغرب آخرون كيف يقبل الشاعر الكبير دعوة جهة سياسية عليها اليوم كثير من المآخذ. «الجبهة» الشيوعيّة يقودها عضو الكنيست محمد بركة الذي طالب بمحاكمة عزمي بشارة، لأنّه زار الضاحية الجنوبية لبيروت بعد عدوان الصيف الماضي. درويش فوق الجميع، لماذا يسمح بحشره في هذه الخانة الضيّقة، في «بيت روتشيلد»؟
وزّع مثقفون معارضون للزيارة على الإنترنت ملصقات قاسية بحق الشاعر: «سجّل أنا عربي، وسعر بطاقتي خمسون... شيكل» (ثمن بطاقة الدخول بالعملة الإسرائيلية). وعبّر كاتب شاب عن المزاج العام، مشيراً إلى أنها «زيارة سيئة جداً وتوقيتها أسوأ، ولا يمكن إلا أن تكون مسيئة إلى التيار الوطني في الداخل».
محمود نجمتنا الأخيرة... لا تذهب إلى حيفا!