حيفا ـــ فراس خطيب

  • تذاكر الأمسية الشعرية نفدت خلال 48 ساعة

  • بدأ العد العكسي للأمسية الشعرية التي يحييها محمود درويش، للمرّة الأولى منذ أربعين عاماً، في مدينة شبابه. تساؤلات «الأخبار» عن المبادرة، أثارت ردود فعل كثيرة، وأحيت نقاشاً قديماً متجدداً حول عزلة فلسطينيي الداخل، ومخاطر الاحتواء الإسرائيلي!

    في الثامنة من مساء الأحد المقبل، ستكون حيفا «عروس الكرمل» على موعد مع محمود درويش على خشبة مسرح «أوديتوريوم»، بدعوة من مجلة «مشارف»، و«الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة». بعد 48 ساعة فقط من الإعلان عن الأمسية، نفدت 1450 تذكرة، فخاب أمل كثيرين كانوا يودّون رؤية درويش بعد 40 عاماً من الغياب، قطعتها زيارته الخاطفة قبل 11 عاماً، يوم جاء ليشارك في تأبين الروائي إميل حبيبي.
    يعود درويش إلى مكان أمضى فيه ردحاً من شبابه في ستينيات القرن الماضي، معايشاً صخب الأحداث في تلك المرحلة. عمل في جريدة «الاتحاد» لسان حال الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وكان ناشطاً سياسياً. وفرضت السلطات الإسرائيلية قيوداً على تحرّكاته، إذ وضعته في نوع من الإقامة الجبريّة. واستغل الشاعر زيارة إلى موسكو لينتقل إلى المنفى الفلسطيني الكبير. وانضمّ إلى منظمة التحرير الفلسطينية، مواكباً مسيرتها ومحطّاتها المتعددة.
    «لم يختر أحد توقيتاً لاستقباله» تؤكّد الشاعرة سهام داوود، رئيسة تحرير «مشارف». منظمو الأمسية قدموا طلباً إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية، للحصول على تصريح لدرويش... ولم يأت الرد إلا متأخراً: قبل أسبوعين من الأمسية وليومين فقط. تقول داوود: «عندما سألته إنْ كان سيقبل الدعوة هذه المرة، قال: وهل بوسعي أن أقول لا لحيفا؟ منذ انطلاقها في التسعينيات، حاولت «مشارف» مراراً أن تدعو درويش إلى حيفا، لكن سدى. نجحنا أخيراً في استصدار تصريح له. كان يُفترض أن يشارك في تصوير وثائقي عن إميل حبيبي، لكنّه وصل متأخراً ليشارك في تأبينه!».
    في نهاية التسعينيات، عاد درويش إلى قرية كفر ياسيف، احتفالاً بمئة عام على تأسيس مدرسة «يني يني». كما جاء إلى الناصرة في 28 أيلول (سبتمبر) 2000، وأحيا أمسية شعرية بدعوة من مؤسسة توفيق زياد. وفي عام 1999، اتخذ يوسي سريد، وزير المعارف في حكومة إيهود باراك يومذاك، قراراً بإدراج قصائد درويش في مناهج التدريس الإسرائيلية. لكنّ اليمين الإسرائيلي شنّ حملةً ضد هذا القرار.
    ومنذ سنوات، تعكف دار«أندلس» بإدارة ياعيل ليرر اليهودية التقدّمية في حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» على ترجمة كتبه إلى العبرية... وقد صدرت حتى الآن «لماذا تركت الحصان وحيداً»، و«سرير الغريبة» و«جدارية»، وكلّها من ترجمة الأديب والشاعر الراحل محمد حمزة غنايم. وذات يوم صرّح رئيس الحكومة الأسبق أرييل شارون، أنّه يحسد الفلسطينيين على محمود درويش، معترفاً بأنّه قرأ ترجمات شعره. ولعل في هذه المفارقة ما يدلّ على أنّ درويش استطاع بسعيه لتشكيل لغة شعرية كونية، أن يسبر أغوار كثيرين من غير الفلسطينيين، وصولاً إلى سفّاح صبرا وشاتيلا!
    درويش على موعد إذاً مع مواطنيه، مساء الأحد 15 الجاري، في المدينة التي تحتل مكاناً مفصلياً في مسيرته ووجدانه. آلاف الأشخاص الذين لم يتمكنوا من دخول «الأوديتوريوم»، ستنقل الأمسية على شاشات عملاقة في أكثر من موقع. كما قد يُنقل الحدث مباشرة على قناة «الجزيرة ». وتسبق أمسية درويش كلمتان، الأولى للبروفيسور رمزي سليمان باسم «مشارف»، والثانية يلقيها الأمين العام لـ«الجبهة الديموقراطية» أيمن عودة. أما عريفة الاحتفال، فهي الفنانة أمل مرقص، وملصق الأمسية من تصميم وائل واكيم.