من مصر جاءنا صوت الشاعر حلمي سالم. في قصيدته «حمامة على بنت جبيل» نرى أن الحرب لا تعني شهداءها وشهودها المباشرين. الفضائيات تعرض الحرب على الهواء مباشرة، ولا تعفي أحداً من تأثيرها.القصيدة التي تقارب الحرب من مجزرة قانا الثانية، تُدرج في سطورها أسماءً لشعراء لبنانيين، وتخلـطـها مع عناوين مجموعاتهم الشعرية، وتمرّ على أمكنةٍ شهدت معارك وبطولات المقاومـة: «أضـاءت فوق الجسر قنابلُ/ فانعكف الحطـابـون على صنع نعـوشٍ طازجة/ حتى يتوازى عدد النـقالات على عدد المنطلقيـــــن الى أعلى/ تنـــــــهض زينب من تحت الردم/ تلملمُ أشلاء الـــــــرضع وشظـــــــايا قنيناتِ/ اللبن الفارغةِ/ وتسحب رقع الأقمطةِ المحشورةِ بين الطوبِ/ وبين الإسمنـــتِ/ لتحمل في منديل يديها سبع حماماتٍ/ نازفةٍ/ وتطوف على أمكنة تطابق بين/ الجغرافيا والطير (...)».
القصيدة أشبه برسالة إلى أصدقاء في زمن الحـــــــــرب. وإذا كان الشاعر المصري ينزلق إلى لغة سياحيّة أحياناً، ويقارب زملاءه اللبنانيين بشيء من المثالية، فهو لا يتوانى عن إدانة من برروا الحرب على لبنان: «وزراء انبطحوا في الوحل/ وحكاماً نذروا أنفسهم للركعة خلف ولي النعم/ ... وعملاء برتبة رؤساء كنانة أرض الله/ ... وأقناناً في بُردة علماء الحرمين».