عبد الغني طليس
ما إن يستقرّ الفنان اللبناني أياماً قليلة في مصر، حتى يتأقلم فوراً مع لهجة أهلها، فيطلّ في وسائل الإعلام مردداً بعض الكلمات مثل «كده» و«ما اعرفش» و«ليه»، ويبدو كأنه عاش طوال حياته في الصعيد. أما وفاء الكيلاني، المذيعة المصرية في «روتانا»، فقد عاشرت قوماً لبنانيين لأكثر من أربع سنوات، من دون أن «تتعلّم» كلمة لبنانية واحدة بعد. وإذا زلّ لسانها، ونطقت بكلمة لبنانية، فإنها تلبسها جلّابية مصرية من الرأس حتى أخمص القدمين!
إنها إشارة لا أكثر. ليس مطلوباً من وفاء أن تكون لبنانية لهجةً وأسلوباً لفظياً، بقدر ما يطلب منها أن تكمل بناء شخصيتها التلفزيونية المهنية بجدارة، عبر التركيز على مكتسبات الحضور والذكاء والمعرفة، وهي عناصر تمتلكها. إضافة إلى تلافي نقاط الضعف الكامنة أولاً في غياب العفوية عن كلامها.
كأن الكيلاني تشعر بأن أسلوبها في الكلام باللهجة المصرية وإطلاق التعابير الخاصة بها، يشكّل عائقاً أمام الفنان الضيف اللبناني أو الخليجي في فهم ما تريد قوله. حينها، تلجأ الى اعتماد أسلوب لفظي يركّز على مخارج الحروف من الحلق، وحركة الشفتين والتمهّل المقصود في إخراج الكلمات التي تبدو أحياناً مفخّمة من دون سبب واضح، ما يجعل الاستماع إلى السؤال أو الحوار كلّه، ثقيلاً على أذن المتلقّي. كأنما هناك حروف تصدر من تحت لسانها، بل كأن أغلب حروفها تصدر من تحت اللسان باستثناء بعض الحروف القليلة. على أن ثمّة دلعاً جميلاً في صوت وفاء، تعرف أنه يضيف إلى أدائها نكهة لذيذة، فتكثّفه. وهذا دليل خبرة جيدة يعكس معرفة في تقطيع الجملة، وتموّج درجات رنينها الصوتي، وإعطائها جرعة الانفعال اللازمة، اعتراضاً أو تجاوباً، مديحاً أو نقداً. دلعٌ لا يغادر الحلقة التلفزيونية إلا في ما ندر!
نقطة الضعف الثانية في برنامج وفاء الكيلاني على «روتانا»، كانت إقحام حيوان في الحلقات، بلا مسوّغ منطقي أو ضروري أو مفيد، إلا لإضفاء جو من الغرابة، ودفع الضيف إلى القيام برد فعل غير متوقع، يضحكها ويضحك الجمهور. وهكذا تكثر «المفاجآت» التي يقفز على إثرها الضيف خوفاً من سعدان حيناً أو كلب حيناً آخر أو دجاجة أو عنزة أو حمار...
وإذا كانت هذه المفاجآت قد حققت بعض التشويق أحياناً، فإنها بدت غالباً مفتعلة، يخرج الضيف منها غالباً عن طبيعته، ولا سيما عندما كانت وفاء تقرّب الحيوان من الفنان الذي يفرّ في الاستديو من جهة الى أخرى، ويهدّد أحياناً بالخروج من الاستديو. ولا تهدأ إلّا بعدما تعتقد بأنها اكتفت من ذلك «الأكشن» الحركي الاستعراضي.
أما مكتسبات الحضور والذكاء والمعرفة التي أُشير إليها في بداية المقالة، فهي حاضرة في شخصية وفاء الكيلاني. ولا يستطيع النجم الهروب من بعض المواضيع التي تطرحها عليه في الحلقة مهما حاول التفلّت، لأنها ذكية في اللّحاق به إلى باب الدار، كما يقول المثل، وواثقة من المعلومة التي تناقشه فيها. لا تُظهر ضعفاً أو تراخياً أو تراجعاً إلّا عندما تشعر بضرورة إنقاذه من الورطة أو عندما يواجهها بقوة «إقناعية» أكبر. وفي كل الحالات، تحافظ على رباطة جأشها وتماسكها.
وفاء الكيلاني مذيعة «لبنانية» منذ أكثر من أربع سنوات. وإذا كانت الجنسية اللبنانية تفرض على حاملها أن يكون لبنانياً منذ أكثر من عشر سنوات، فإن وفاء قد تكسب الجنسية لكنها لن تتعلّم اللهجة!




بعد توقيف برنامجها «صندوق الدنيا»، تعود وفاء الكيلاني ببرنامج حواري عنوانه «ضدّ التيار». وهي تنشغل حالياً بإجراء الاتصالات وتحديد المواعيد مع ضيوفها المرتقبين، على أن تفتتح الموسم مع مريم نور، يوم الاثنين المقبل.
كل اثنين 22:00 على «روتانا موسيقى»