خالد صاغيّة
كم جميل مشهد برنار إيمييه على طاولة الحوار في سان كلو.
كم جميل حين يعود المستعمِر من نافذة قرارات الأمم المتّحدة، ويذكي الفتنة بين سكّان مستعمراته السابقة، ثمّ يدعوهم إلى «مركز الإمبراطوريّة القديمة» ليتحاوروا في ما بينهم.
كم جميل أن يجري هذا الحوار في قصر «لا سيل سان كلو» الذي شهد في تاريخه تحرّر المستعمرات السابقة، ليعود ويشهد اليوم عودة الشعوب الضالّة إلى الحظيرة.
كم جميل ألا يطمح المؤتمر الحواريّ إلى حلّ الخلافات السياسية (يا لها من مزحة الاعتقاد بأنّ فرنسا ترغب في رؤية اللبنانيين متّفقين على حلول وسطيّة)، وأن تكون مهمّاته محصورة في تلقين القادة اللبنانيين كيف تختلف الشعوب الحضاريّة في الدول الحديثة.
كم جميل أن ينقل وزير الخارجية الفرنسي، بحضور السيّد إيمييه بالذات، «تأكيد اللبنانيين التزامهم الدولة اللبنانية وسيادتها، ورفضهم أيّ تدخّل أجنبيّ». وهل يُعد المستعمِر السابق أجنبياً؟ إنّه من أهل البيت، لا بل هو صانع البيت. ألم يقل المندوب الفرنسي لدى مجلس الأمن بعد إقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري، «نحن صنعنا لبنان»؟
كم جميل أن يتحدّث السيّد كوشنير عن بناء الدولة، ويردف أنّ «الدولة الفرنسية صديقة كلّ الطوائف في لبنان». كم جميل أن يجري كلّ ذلك برضى «كلّ الطوائف في لبنان».
كم جميل أن يدعونا كوشنير نحن اللبنانيين بـ«الأصدقاء». كم جميل أن نكون قد ارتقينا بعد نصف قرن لنصبح أصدقاء للرجل الأبيض.