فاطمة داوود
نبأ سار إلى أصدقاء «أبو رياض». العجوز البيروتي الشهير لن يبقى حبيس الشاشة الصغيرة. غداً يبدأ تصوير فيلمه السينمائي الأول. والأهم من ذلك أنّه سيبتعد عن الإسقاطات السياسية المحلية، رأفة بالجمهور العربي. إنّها قصّة مطاردة «مسلّية» لعصابة شريرة... تصل إلى الصالات مع أعياد نهاية العام

يوم ظهرت شخصية «أبو رياض» على شاشة «المستقبل»، قبل عامين ونصف تقريباً، كان همّ المخرج ناصر فقيه والممثل عادل كرم، تسليط الضوء على «بيروتية» ذلك العجوز، والتركيز بالتالي على «بيروتية» تلفزيون «المستقبل». سرعان ما نجحت هذه الشخصية في جذب الانتباه عبر خصوصية أدائها، والمفردات التي تعتمدها في حوارها... نجح «أبو رياض» حتى خطَف بريق برنامج «لا يملّ» الذي انطلق منه. وعلى رغم التكرار، بقي حاضراً على الشاشة الصغيرة، انطلاقاً من تفاعل الجمهور معه، ثم حاجة المحطة إلى شخصية كوميدية، تمثّل نموذجاً من المجتمع، وتروّج بطريقة غير مباشرة لرسائل سياسية واجتماعية معينة... اليوم، ينتقل العجوز الخفيف الظلّ إلى الشاشة الكبيرة، في فيلم رصدت له حتى الآن ميزانية بـ 500 ألف دولار، كتبه ويخرجه ناصر فقيه، وتنتجه شركة «روف توب برودكشن» التي يملكها فقيه مناصفةً مع طارق كرم، وتتكفل شركة «الصبّاح» مهمة توزيعه في الدول العربية. في «أبو رياض THE MOVIE»، سيطلّ عادل كرم مع عباس شاهين ونعيم حلاوي ورولا شامية ووليد العلايلي والممثل المصري وحيد سيف إلى جانب نحو مائة ممثل كومبارس. وقد تمّ شراء كاميرات متطورة، يقول المخرج إنها تضاهي «تلك المستخدمة في استوديوهات هوليوود». ولأن الفيلم يسعى إلى الانتشار عربياً، يؤكد فقيه، مخرج «سوبر ستار» في دوراته الأربع، أنه لن يدخل الزواريب السياسية المحلية الضيقة، بل سيقدم في إطار كوميدي ـــــ أكشن، مغامرات «أبو رياض» وأصدقائه ومواجهتهم لإحدى العصابات حول كنز ثمين. وسيبدأ تصوير الفيلم غداً في بيروت، على أن ينتقل المخرج مع فريق العمل على مدى شهر كامل، بين مصر ولبنان لالتقاط المشاهد التصويرية، ويعرض خلال موسم أعياد الميلاد ورأس السنة المقبلين في مختلف صالات العالم العربي.
يعترف فقيه بأن شهرة «أبو رياض» على الشاشة الصغيرة، هي التي دفعتهم إلى خوض هذه التجربة، ويعزو النجاح إلى «اشتياق الناس إلى الشخصية الشعبية التي تحاكي نوعاً ما، ما قدّمه شوشو وغوّار الطوشي وحسني البورظان». وهي مقارنة قد لا تصحّ بسبب افتقار نصّه إلى الحبكة المتينة التي كانت تميّز أعمال الكوميديين القدامى. كذلك يرى فقيه أنّ السينما اللبنانية لا تزال غير قادرة على فرض حضورها، بسبب غياب نيّة جدية في التمويل، مستثنياً بعض التجارب مثل West Beirut لزياد دويري و«سكر بنات» لنادين لبكي.
بعيداً من الفيلم، نسأله عن مصير برنامج «لا يملّ» على شاشة «المستقبل»؟ فيجيب بابتسامة هادئة: «في ظل الأزمة السياسية الراهنة، سنقدّم استكشات جديدة، ونرصد الواقع على طريقتنا... لن يتغيّر شيء، فإدارة التلفزيون تثق بنا، ولا خطوط حمراء تحدّد أطر الممنوع». لكن البرامج الكوميدية الساخرة تراوح مكانها، وهي مثل باقي البرامج التلفزيونية، تعزز الانقسام السياسي، فـ «لا يمل» مثلاً بات في الفترة الأخيرة، منبراً لتوجهات تيار «المستقبل» وحلفائه؟ يرفض فقيه مقولة إنّ هذه البرامج خفت بريقها، «والدليل نجاح أبو رياض». لكنه يعترف بأنه يعكس وجهة نظر المحطة وخطابها السياسي، «خصوصاً أننا نؤمن بما نقوله. أنا من مؤيدي فريق 14 آذار، لكنني آثرت في الفترة الأخيرة الابتعاد عن التعليقات السياسية في البرنامج، بهدف التهدئة، بعد المعارك الكلامية الدائرة على المنابر الاعلامية». إلا أنّ الهدنة لن تطول كثيراً، وها هو البرنامج يعيد تقليد شخصية الجنرال ميشال عون في الحلقة المقبلة، بعد طول غياب، منتقداً مؤتمره الصحافي الأخير وانتقاده لحكومة فؤاد السنيورة.
تتغير نبرة صوت ناصر فقيه عندما تسأله عن منافسة «لا يملّ» لبرامج شبيهة مثل «بسمات وطن» و«إربت تنحل» و«كل شي إلو شي». ولا يجد مبالغة في التأكيد على أنّ «لا يمل» متفوّق على بقية البرامج لأنه «شبابي بامتياز، يحاكي الواقع، فيما يصعب عليّ أحياناً فهم اللهجة الجبلية التي يتحدّث بها أبطال «بسمات وطن». أما البرامج الأخرى فلها طابع وجمهور مختلفان».
في النهاية، يرفض الفقيه رفضاً قاطعاً مقولة «الفن رسالة»، حاصراً دوره بالترفيه فقط! لكن هل الرسائل المبطّنة التي يقدّمها «لا يملّ» ترفيهية؟ برأيه أن الجمهور لا يحب الوعظ، كذلك ملّ «الأعمال الثقافية الجامدة». أما الحلّ فلا يكمن عنده في تقديم الأفلام السينمائية «التي يصفّق لها النقاّد، ولا يفهم منها الجمهور شيئاً»... بل عبر صناعة شريط مسلّ بعيداً من الابتزال!
يذكر أخيراً أن فقيه الذي أوقف عروض مسرحية «لا يمل THE REVENGE»، نتيجة الأوضاع الأمنية المتردّية في البلد، سيعقد عند السادسة من مساء الاثنين المقبل، مؤتمراً صحافياً مع فريق العمل في فندق «جفينور روتانا» في بيروت، للإعلان عن فيلم «أبو رياض».