strong>محمد عبد الرحمن
المخرجة المشاكسة معتادة المشاكل. بالأمس واجهت غضب المحافظين بسبب أفلامها التي اتهمت بـ«الفضائحيّة»... واليوم تتخبط لخلافة هالة سرحان على برامج «روتانا»، وسط ظروف لا تُحسد عليها. هل تتجاوز إيناس الدغيدي أزمات «السينما والناس»؟ وكيف تكسب رهانها التلفزيوني؟

غياب هالة سرحان وضع «روتانا سينما» أمام مأزق كبير. هذا ما يبدو واضحاً من أداء القناة في الأشهر الأخيرة، وما يسجلّه برنامج «السينما والناس» مع إيناس الدغيدي، الذي يعرض حالياً. في السابق، كانت «روتانا سينما،» الأكثر ربحاً في شبكة قنوات الشركة السعودية، تعوّل على عنصري جذب أساسيين: الأفلام الحصرية والجديدة، والنجوم الذين لبّوا دعوة سرحان على مدار عامين، وخصوصاً أن المقدّمة المصرية أثبتت قدرة كبيرة على إثارة الجدل، بعد كل حلقة، سواء عبر انتزاع تصريحات نارية من الفنانين، أو طرق باب قضايا اجتماعية مثيرة، أوقعتها أخيراً في الفخّ مع قضية فتيات الليل.
لكن ابتعاد سرحان عن «روتانا»، بعد إعلانها أخذ إجازة طويلة، وضع المخرجة المشاكسة إيناس الدغيدي في دائرة القلق. هذه الأخيرة وجدت نفسها، بعد فترة طويلة من المدّ والجزر، المرشحة الوحيدة للجلوس مكان صديقتها المقرّبة. ليس فقط في إدارة البرنامج الاجتماعي «ست ستات»، بل في البرنامج الرئيسي الذي كانت تقدمه سرحان لمواسم: «السينما والصيف» ثم «السينما والناس»... وفيما اكتفت إدارة «روتانا» بالتغيير في شكل الشاشة، ولون الشعار، مستعينةً بصوت الدغيدي المميز في عبارة «روتانا سينما مش هتقدر تغمض عينيك»، خضعت المخرجة المصرية لامتحان صعب: إثبات كفاءتها في سدّ الفراغ من جهة، وحماية مكان سرحان لحين عودتها، من جهة ثانية. هكذا انتظر الجمهور المهتمّ بالسينما المصرية، وقبله إدارة «روتانا»، الإطلالة الأولى للدغيدي في مقعد سرحان، وكان تأخّر ظهورها بحدّ ذاته دليلاً على وجود أزمة ما. وقد طالت فترة التحضيرات لأسباب عدة، أبرزها أن الدغيدي نفسها كانت تستعد للظهور كمذيعة منوّعات لا كمقدمة برنامج حواري كما هي الحال في «ست ستات». وبالتالي اضطرت إلى القيام برحلة شراء ملابس وإكسسوارات خاصة بالبرنامج. في الوقت نفسه، تغيّر معظم أفراد فريق الإعداد الخاص بهالة سرحان، مثل الصحافي محمد هاني الذي أعلن منذ البداية أنه كان يعمل مع هالة لا مع «روتانا». وهاني الذي يعمل حالياً رئيس تحرير أشهر برنامج على التلفزيون المصري «البيت بيتك». كان قد بدأ عمله مع سرحان قبل خمسة عشر عاماً في art و«دريم» وأخيراً «روتانا». أما باقي أعضاء الفريق، فاعتذر بعضهم بسبب خفض الأجر بنسبة 50 في المئة، مبررين رفضهم للاستمرار في التعاون، بأن مأزق الدغيدي، بدّل كثيراً من مناخ العمل وظروفه. إضافة إلى كل ما سبق، هناك مشكلة أساسية أخرى: البحث عن نجوم يقبلون المشاركة في البرنامج.
وفيما كان ظهور أبطال فيلم «عندليب الدقي» في الحلقات الأولى متوقّعاً، لأن الفيلم من إنتاج «روتانا»، بدأت المشاكل تلاحق البرنامج بعد ذلك لاستكمال المشوار حتى نهاية آب (أغسطس) الجاري. وإذا كانت سرحان قد حاورت كل نجوم السينما المصرية، ما عدا محمود عبد العزيز ومحمد سعد، فإن الدغيدي فوجئت في الحلقة الثانية باعتذار جماعي لأبطال فيلم «مرجان أحمد مرجان». ولأن حضور عادل إمام كان مستحيلاً لأنه ظهر على شاشة «روتانا» في وقت سابق هذا العام، حضرت ميرفت أمين، من دون باقي النجوم الشباب مثل أحمد مكي، شريف سلامة، أحمد السعدني... حتى إن المؤلف يوسف معاطي والمخرج علي إدريس لم يحضرا! فهل تقع المسؤولية على عاتق الدغيدي أم فريق الإعداد الذي يضع العراقيل أمام إتمام هذه الأخيرة مهمتّها الصعبة؟
بعيداً من المشاكل، كان واضحاً أن المخرجة لم تنسَ مهنتها الأساسية، وقد بدا هذا واضحاً في تركيزها لدى استضافة محمد هنيدي وأسرة «عندليب الدقي» من خلال تركيزها على تقنيات الإخراج أكثر من الحديث على أداء الممثلين، والقصة من حيث السيناريو والحوار وما شابه. أضف إلى ذلك أنها، بخلاف هالة سرحان، لا تجيد افتعال المواقف الضاحكة ـــــ وهذا لا يحسب ضدها. كما أن علاقتها مع النجوم لن تكون هنا حيادية، فهي في الأساس نجمة أيضاً، تعوّدت أن ترد على الأسئلة، لا أن تطرحها. في المقابل، لم تسلّط الحلقات الخاصة بفيلم «مرجان أحمد مرجان» (هذا المساء الحلقة الثالثة والأخيرة)، كثيراً على تفاصيل العمل، فدار الحديث معظم الوقت حول مسيرة ميرفت أمين. وفيما حضرت الممثلة بسمة، اقتصرت مشاركتها على تقديم باقة ورد باسم الجيل الجديد لأمين، علماً بأن الممثلة الشابة أدّت في «مرجان أحمد مرجان» دوراً أساسياً، وهو ابنة عادل إمام.
بعد «عندليب الدقي» و«مرجان أحمد مرجان»، تفاقمت الأزمة: من سيكونون أبطال الحلقات الجديدة؟ ذهبت الترشيحات إلى ثلاثة أفلام حققت ايرادات جيدة، هي «كركر» لمحمد سعد الذي لا يظهر في لقاءات تلفزيونية، و«تيمور وشفيقة» لأحمد السقا ومنى زكي، و«عمر وسلمى» لتامر حسني. لكن ليس كل ما تتمنّاه الدغيدي تدركه، فقد تمّ التسجيل مع أبطال أفلام أقلّ مستوى، هي «صباحو كدب» لأحمد آدم، و«عجميستا» لخالد أبو النجا. والمبرر معروف طبعاً: هؤلاء لن يعترضوا على دخول «روتانا»، أو يضعوا شروطاً مسبقة للحوار.
الدغيدي لا تزال تلتزم الصمت، رافضةً إجراء مقابلات صحافية، وقد يعود السبب إلى تجنّبها إثارة أي مشاكل مع إدارة المحطة التي تعرّضت لهزّة قوية منذ أثيرت قضية فتيات الليل. ولكن ماذا عن مستقبل البرنامج والقناة؟ الأمر المؤكد أن الموسم الحالي سيمرّ مهما كانت الظروف، وخصوصاً أن الدغيدي تحتاج فقط إلى فيلمين آخرين حتى تختتم الموسم الذي ينتهي مع بدء شهر رمضان. إلا أن إدارة «روتانا سينما» أصبحت في حاجة ماسة إلى اتخاذ قرار: إما عودة سرحان، أو اختيار نجمة جديدة، قد يكون حظّها أوفر إذا أبعدها الجمهور عن المقارنة المباشرة بـ«هالة».

21:00 على «روتانا سينما»