تيسير البطنيجي (باريس)
أنا أنظر بعين الشبهة إلى المعارض الفلسطينية ــــ الإسرائيلية المشتركة. وأرى أن الترويج لها ـــ في الغرب خاصة ـــ يهدف إلى إعطاء صورة مزيّفة عن الواقع. كأن الفنانين الذين يضمّهم هذا المعرض المشترك أو ذاك، هم مواطنون من دولتين في حالة صراع... لا محتلون وضحايا لهذا الاحتلال كما هو الوضع بالنسبة إلينا. وفي الغرب للأسف، تمارس غالباً ضغوط كثيرة على الفنانين الفلسطينيين، تصل حدّ الابتزاز، للمشاركة في تلك المشاريع المزيّفة.
لا أفهم تهافت بعض فنانينا على عرض أعمالهم إلى جانب نتاج فني إسرائيلي. واللافت أن بعض هؤلاء المتهافتين اليوم على مثل هذه المعارض، هم أنفسهم من حملوا بالأمس لافتة الفن الملتزم والثوري، أو «فن المقاومة» وأنتجوا غالباً أعمالاً مثقلة بالرموز والشعارات والكليشيهات، أخّرت الفن الفلسطيني وطبعته بطابع محلي ضيق، بل كانوا أبواقاً دعائية للأحزاب التي انتموا إليها، وأسهمت في التسويق لهم على أنهم فنانو فلسطين والقضية.
وتحديداً كنت ولا أزال من أشد المعارضين لمشاركة أي من زملائي في المعرض المسمّى «40 سنة على الاحتلال» (راجع «الأخبار» عدد 12 أيار/ مايو 2007)، لما ينطوي عليه من تضليل، وتشويه للواقع. في وقت ترتكب فيه إسرائيل أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، إذا بفئة من الفنانين الفلسطينيين تروّج ــــ للأسف ــــ لمشاريع مشتركة مع فناني دولة الاحتلال، تحت عناوين مختلفة لا تخلو من دلالات تعكس الطبيعة المضلّلة لتلك المشاريع. فمعرض «جيل الصحراء» لا يمكن فصله عن المقولة الدعائية الصهيونية بأن فلسطين كانت صحراء، حوّلتها إسرائيل إلى جنة خضراء... كما أن المعرض الذي يرى أن الاحتلال بدأ منذ أربعين عاماً فقط، يرسّخ فكرة تجاهل الأراضي التي احتُّلّت قبل ذلك.
لست بالمطلق ضد أي مبادرة أو تحرك ثقافي يقوم به الفنانون الإسرائيليون للتعبير عن رفضهم للاحتلال، بل أرحّب به حين يكون صادقاً، لا مجرد دعاية تكرّس الاحتلال أكثر مما ترفضه...