strong> محمد عبد الرحمن
فيما تبتعد معظم الفضائيات العربية التي انطلقت في السنتين الأخيرتين، عن الشعار السياسي المباشر، بل تحاول تمويه خطها الخفي وأهدافها الحقيقية وانتمائها الفعلي، يبدو أن «الساعة» لا تخاف الخطاب السياسي المباشر! فقد خرجت هذه المحطة الجديدة على الهواء، لتعيد إلى الأذهان أدبيات لفظية كادت تختفي من الإعلام العربي. بدا هذا جلياً في حفلة الإطلاق التي أقامتها القناة، مساء أول من أمس في القاهرة، حيث فاجأنا القيمون عليها بأهداف طموحة وجريئة، لم تعد على الموضة في الفضائيات العربية، حتى من باب المتاجرة اللفظيّة والمزايدة: هدف «الساعة» الأساسي هو... «إحياء القومية العربية»، علماً بأنها ستفتح أبوابها للجميع، وتعرض مختلف وجهات النظر، مع رفضها التام للتطبيع مع إسرائيل وللاحتلال الأميركي في العراق.
«الساعة» التي انطلقت مساء 15 تموز (يوليو) الجاري، ليست مجرّد قناة عامة، تنضم إلى قائمة المحطات التي تسعى إلى المنافسة من خلال برامج منوعة ودرامية فقط. لقد اكتشفنا أول من أمس أنّها تعزف على وتر «القومية» التي تخلّت عنها معظم الشاشات، بما في ذلك المحطات الرسمية التي لا تزال تتشدّق بالوحدة والسوق العربية المشتركة.
الجديد في المحطة أيضاً، كما قال الرئيس التنفيذي سامر الحسيني لـ«الأخبار»، إنها أول قناة تجمع بين مصر ولبنان، من دون أن تعيش تحت رحمة رأس المال الخليجي... هل هذا يعني اتخاذ موقف من الخليج وقضاياه على هذه الشاشة؟ يجيب الحسيني: «بالطبع لا، لكننا سنتناول القضايا الخليجية حسب أولويات الأجندة العربية، فقط لا غير، بعيداً من تأثير المموّل، أو الترويج للدول الخليجية كما تفعل شركات العلاقات العامة». تمويل «الساعة»، حسب الحسيني الابن، «ليبي ـــ لبناني مشترك يجمع مستثمرين مستقلين: من جهة المستثمر حسّونة الشاوش، ومن الأخرى رئيس تحرير مجلة «الكفاح العربي» وليد الحسيني». لكن تجدر الإشارة إلى أن الشاوش هو أمين شؤون الإعلام في وزارة الخارجية الليبية. وأن نجم حفلة إطلاق المحطّة كان أحمد قذاف الدم، ابن عم الزعيم الليبي معمر القذافي.
وإذا كان التمويل ليبياً لبنانياً، فماذا عن الدور المصري؟ يوضح الحسيني: «المحطة اتخذت من القاهرة قاعدة لانطلاقها، ومعظم البرامج تخرج منها، كذلك أبرز الكوادر فيها مصرية، إلا في ما يتعلق بالشأن اللبناني. إذ يتمّ التحضير لبرنامج يومي عن لبنان، يصوّر في بيروت، والتفاوض جارٍ مع إعلاميين معروفين. في الوقت نفسه، لا يزال البحث مستمراً عن إعلامي معروف (مثل محمود سعد) لتقديم البرنامج اليومي الرئيسي من القاهرة.
الحسيني يؤكد أيضاً أن القناة انطلقت ببثّ كامل لا تجريبي، وأن خريطة رمضان باتت شبه جاهزة، علماً بأن التفاوض جارٍ مع منتجي مسلسلات عربية، بينها «عمارة يعقوبيان». ويشير إلى أن برامج المحطة ستتمتع بهامش واسع من الحرية، وتبتعد تماماً عن الإثارة التي تصطفيها باقي الفضائيات العربية. علماً أن القناة ليست سوى نواة مشروع إعلامي متكامل ستصدر عنه صحف ومجلات عدة.
أما وليد الحسيني فقال في كلمته أمام الحاضرين إن المحطة لم تلجأ إلى شعار البث التجريبي، لأنّ أصحابها يملكون شجاعة الاعتراف بالخطأ. إذ إن الوقوف خلف «البث التجريبي» يعني إعلاناً مسبقاً بوجود تقصير ما. أما بالنسبة إلى اختيار مصر للانطلاق، فكان يرد على تلك الأسئلة بعبارة واحدة هي: «لماذا غير مصر ومَن غير مصر؟».
هكذا تنطلق المحطة بمجموعة منوّعة من البرامج مثل «مواجهة» الذي يقدمه عمرو الليثي ابتداءً من هذا السبت على الهواء مباشرة، وضيفة الحلقة الأولى هي منى جمال عبد الناصر، أرملة أشرف مروان. ويخوض الصحافي مصطفى بكري تجربة التقديم التلفزيوني مع «لقاء الأسبوع». ومن برامج القناة التي تلقى اهتماماً من الإدارة «صباح الكل» اليوم الذي يبدأ عند التاسعة صباحاً. كما تقدم منة مصطفى عبده برنامج «سؤال مباشر» الفني. وتعرض «الساعة» ثلاث نشرات رئيسية في اليوم، معتمدة على شبكة مراسلين من العواصم العربية المؤثرة والمرتبطة بسياسة القناة، إضافة إلى موجز إخباري مدته دقيقة واحدة كل ساعة. وكان وديع الصافي ونانسي عجرم نجمي حفلة الافتتاح التي حضرتها عدة شخصيات اجتماعية وسياسية وفنية.