بيار أبي صعب
إلى جانب إميل حبيبي كان يمكن أن تلحظها. مساعدة ناشطة وشريكة ظلّ. دائماً حاضرة في النقاشات الصاخبة معظم الأحيان: ذلك أن “المتشائل” لا يترك مجالاً للحياد.
والمرأة الديناميّة، القاسية أحياناً، كانت دائماً هنا، كأنّها في وضعيّة صراع أو مواجهة. مرة في تونس، وأخرى في مصر، وثالثة في باريس... كأنّها تشارك في حرب طويلة النفَس، تتغيّر معادلاتها والعدوّ واحد. تعوّدنا أن نرى فيها ملامح المناضل الآتي من «الداخل» ـــــ الإشكالي حكماً بالنسبة إلينا ـــــ وفي الوقت نفسه تعرّفنا شيئاً فشيئاً إلى المثقفة والكاتبة والصحافية المحيطة بتفاصيل الحركة الإبداعية في فلسطين التاريخيّة التي صارت إسرائيل.
مع الوقت لاحظنا أن سهام تنتقل من معركة إلى أخرى. لكن معركتها الفعلية بدأت حين مضى «أبو سلام»، ووجدت نفسها مؤتمنة على تركة ثقيلة. «دار أرابسك» التي أسستها إلى جانب الأديب الكبير، مجلّة «مشارف» التي تصدرها الدار... والحقوق الحصرية لكل أعمال إميل حبيبي المنشورة وغير المنشورة.
وحدها ضد الجميع وقفت، وربحت كل معاركها... «مشارف» عادت الى قرائها جسراً ثقافياً بين فلسطين الـ ٤٨ والعالم العربي. وأعمال حبيبي الكاملة صدرت بعد تنقيح وتدقيق عن «دار الشروق» في عمان... وها هي أمسية محمود درويش في حيفا، رغم الانتقادات والتحفظات والتشنّجات، تحقق نجاحاً واسعاً، وتثير الانتباه إلى مجموعة من المفارقات والأسئلة القديمة.
أول من أمس وصلني إيميل من صديقي ياسين عدنان الذي لم يكتب لي منذ دهر، وفيه صور لفولسفاكن «كوكسينيل» محروقة. إنّها سيارتها القديمة التي أحرقتها أيد بليدة في حيفا. لكن ذلك لن يغيّر شيئاً في جوهر النقاش... أما سهام داوود، فما زالت تنتظرها معارك كثيرة!