strong> بشير صفير
تعود الأضواء هذا المساء إلى قـلـعـة جبيل، حيث ينطلق المهرجان الدولي الوحيد الذي صمد هذا الصيف في لبنان. بعد انسحاب بعلبك وبيت الدين وصور، لم يبقَ في الميدان الا جبيل: 4 مواعيد تستعيد الماضي بلغة اليوم. من Nouvelle Vague إلى «زنوبيا» الرحبانية

للسنة الخامسة يطلّ علينا مهرجان بيبلوس من قلعة جبيل الأثريّة، ببرنامج غني ومتنوع كالمعتاد. يستهل هذا المهرجان الدولي نشاطه مساء اليوم بحفلة لفرقة Nouvelle Vague الفرنسية التي تشكّل الحدث الأبرز هذه السنة، وخصوصاً بالنسبة إلى جمهور الشباب، الذي عايش فترة الثمانينيات أو تأثر بها، أيام انتشار «الموجة الجديدة» في موسيقى البوب البريطاني، كخطوة أولى نحو تأسيس الروك البديل. تتمحور فكرة هذه الفرقة حول استعادة كلاسيكيات تلك الموجة، بأسلوب فريد ينعشها من دون إقحامها في اللعبة التجارية للأغنية الاستهلاكية الرائجة. أسّس الفرقة موسيقيان فرنسيان هما مارك كولان وأوليفييه ليبو واستوحيا اسمها من الموجة الفنية. وتستعيد «نوفيل فاغ» (ترجمتها الحرفية موجة جديدة) أغنيات من رواد تلك الموجة الجديدة، مثلThe Clash, Blondie, Depeche Mode, New order, Joy Division. يعمل الثنائي الفرنسي على تلك الأغنيات، مستخرجاً أبعادها الدفينة، ثم يوكل مهمة أدائها إلى أصوات نسائية، ومعظمها بين الأسماء المعروفة على الساحة الفنية الفرنسية الحالية. كما يحرص على ألا تكون لمغنياته معرفة مسبقة كبيرة بالتسجيل الأصلي للأعمال المقتبسة، كي تتمكن من تقديمها بإحساس مستقل وجديد.. بعيداً عن تأثير الذاكرة.
ومن الثمانينيات بنكهة فرنسية جديدة... ننتقل إلى الأوبرا بقوالب «عصريّة» إذا جاز التعبير. إنها ثاني حفلات المهرجان، يقدمها التينور الإيطالي الشاب أليساندرو سافينا (الخميس 2 والجمعة 3 آب/ أغسطس). وتشكّل مشاركته الخطوة الأولى التي يقوم بها المهرجان في اتجاه الموسيقى الكلاسيكية، علماً بأنه لا يجوز لنا اعتبار حضور سافينا بمثابة تمثيل حقيقي لهذه الموسيقى. هذا وخصوصاً أنّ سافينا يضع قدَماً في فنّ الاوبرا بمعناه الكلاسيكي (قدراته الصوتية وطريقة أدائه) وأخرى في موسيقى البوب (التوليفة الموسيقية)، علماً بأنّه بدأ مسيرته الفنية مغنياً أوبرا بالمعنى الصارم للكلمة. كما شارك في أداء أدوار رئيسية لأشهر الأعمال التاريخية، وتحديداً تلك التي تنتمي إلى نمط الـ BEL CANTO في إيطاليا القرن التاسع عشر، كـ«حلاق إشبيليا» لروسيني و«لا بوهيم» (LA Bohème) لبوتشيني و«اكسير الحب» لـدونيزيتي وغيرها.
بعد بداياته «الأكاديمية»، عدلَ سافينا عن هذا الخيار ليعتمد أسلوباً رائجاً وسهلاً (مقارنة بالموسيقى الكلاسيكية البحتة)، يعرف بالـ Crossover، يقوم على انتقاء مقتطفات غنائية من أعمال أوبرالية مع مرافقة موسيقية «مخفّفة»، وأغنيات من عالم البوب يؤديها بأسلوب أوبرالي. وتعتمد مجموعة كبيرة من الموسيقيين «النجوم» هذا المنطق في الموسيقى الكلاسيكية بكل أنواعها، عن طريق اختصار عمل طويل (أوبرا، كونشرتو، سوناتة، متتالية...) وانتقاء الجزء الأشهر والأجمل (أغنية من أوبرا، حركة من كونشرتو أو سوناتة، مقطع من متتالية...) وتقديمه كما هو ــــ في أحسن الاحوال ــــ أو مع تعديلات موسيقية تسيء في كثير من الاحيان إلى العمل الأصلي. إلا أنّ هذه المعادلة الاختزاليّة، تخوّل الفنان الوصول بسلاسة إلى جمهور واسع في عصر السرعة والثقافة «الاستهلاكيّة». وهناك عنصر آخر من شأنه أن يقلّص متعة التفاعل مع أليساندرو سافينا، ويحدّ منها... إذ يخشى من أن تكون الموسيقى التي ترافقه «بلاي باك»، أي مسجّلة مسبقاً... بما يحرم الجمهور حتّى متعة التفاعل مع موسيقى حيّة.
ولم يفت مهرجان بيبلوس، كعادته كل عام، أن يشرك هذا الموسم اسماً عريقاً ومخضرماً من عالم الموسيقى الغربية. إذ يستضيف مساء الأربعاء 29 آب (أغسطس) فرقة Kool And The Gang الشهيرة التي تعود مساهمتها في موسيقى الـ «آر إند بي» R&B والفانك إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، بعد انطلاقة عضويها الأساسيين، الأخوين روبيرت ورونالد بيل من عالم الجاز في الستينيات. حصدت الفرقة جوائز موسيقية عدة على مرّ السنين، وأصدرت عشرات الأسطوانات التي دخلت تاريخ الموسيقى المعاصرة، وحققت شعبية واسعة عبر العالم. ولا تزال «كول أند ذي غانغ» حاضرة بعد هذا التاريخ الصاخب، من خلال تسجيلاتها وحفلاتها الحية.
أما المشاركة المحلّية فتتمثل هذه السنة بمسرحية غنائية لمنصور الرحباني، ويشترك فيها من العائلة الرحبانية الياس، غدي وأسامة الرحباني تأليفاً وتوزيعاً، وهي من إخراج مروان الرحباني الذي شارك ايضاً في التأليف الموسيقي. «زنوبيا» (من الأربعاء 15 حتى الأحد 19 آب/أغسطس) ملحمة موسيقية، ذات إنتاج ضخم على الطريقة الرحبانية، قدّمت أول عروضها في دبي، وتروي قصة الملكة التدمرية التي رفضت الاستسلام في وجه جيوش الإمبراطورية الرومانية، فتحولت رمزاً للمرأة المقاومة في منطقتنا. تؤدي الفنانة كارول سماحة دور البطولة بالاشتراك مع أسماء كبيرة من المسرح الرحباني القديم والجديد كأنطوان كرباج وغسان صليبا، إضافة إلى عدد كبير من الممثلين والراقصين. وتجدر الإشارة إلى أنّ مهرجان بيبلوس سبق واستضاف «جبران والنبي» لمنصور الرحباني في عام 2005.
هذا المساء إذاً، يعود مهرجان بيبلوس وحيداً، بأربع محطات يجمع بينها قاسم مشترك هو استعادة الماضي بلغة الحاضر. «نوفيل فاغ» أو إنعاش الثمانينيات، اليساندرو سافينا أو الغناء الأوبرالي المعصرن، «كول اند ذي غانغ» أو القديم بلسان رواده، و«زنوبيا» أو استرجاع الحدث التاريخي.

مهرجان بيبلوس، قلعة مدينة جبيل الأثرية:
  • فرقة «نوفيل فاغ» هذا المساء

  • التينور اليساندرو سافينا الخميس2 والجمعة 3 آب (أغسطس)

  • مسرحية «زنوبيا» من الأربعاء 15 حتى الأحد 19 آب

  • فرقة «كول أند ذي غانغ» الأربعاء 29 آب

  • http://www.byblosfestival.org
    للاستعلام 01,542020 ــــ 03,538536
    التذاكر تباع أيضاً في «فيرجن ميغاستور»، 01,999666