عمّان ـــ نوال العلي
المدينة التاريخية فتحت أبوابها أخيراً للفن الأردني، لكن الجمهور المحلي سيبقى خارج الأسوار بسبب الأسعار. أما الربح، فبات بالنسبة إلى المهرجان مسألة حياة أو موت


على مدى 25 عاماً، حاول «مهرجان جرش» الأردني الذي ارتفع ستار دورة «يوبيله الفضي» الأربعاء الماضي، أن يرسم لنفسه هوية خاصة، تؤمن له موقع الصدارة في لائحة المهرجانات العربية والعالمية... غير أنّ تراكم الخسائر المالية التي تكبّدها في السنوات الأخيرة، ومنافسة المهرجانات المحلية الأخرى، وضعته في موقف حرج. يضاف إلى ذلك أن «جرش»، وإن نجح في احتضان المطربين العرب، ظلّ حلماً بعيد المنال للفنان الأردني، ولم يحقق شيئاً يذكر على الصعيد العالمي.
ولهذا السبب ربما، أفرد المهرجان، هذا العام، مساحةً لا بأس بها من برنامجه للفعاليات المحلية، كأنه يتصالح أخيراً مع الفنانين المحليين بعد طول تهميش. هكذا أحيت حفلة الافتتاح ثلاثة أصوات نسائية من الأردن: روز الور، سهير عودة وسماح بسام، على أن يختتم المهرجان، مساء 14 آب (أغسطس)، بسهرة مع المغني عمر العبداللات.
على صعيد العروض العربية والعالمية (راجع «الأخبار»، عدد 29 حزيران/ يونيو)، يلبس «جرش» حلّة مطرّزة بألوان فاقعة لا تحصى. إذ إنّ احتشاد أيام المهرجان بعشرات الفعاليات ــــ لا تقلّ بعضها أهمية عن الأخرى ــــ يجعل من متابعة العروض أمراً مرهقاً. بيد أنّه يكاد يكون منصفاً للأذواق كلها. إذ يحيي ليالي المهرجان مطربون بعراقة وديع الصافي، وصوفية بشار زرقان، والتزام هاني شاكر (صفق له الجمهور مساء أمس)، وتوازن كاظم الساهر، وتجدّد لطيفة التونسية (هذا المساء على المسرح الجنوبي) ونجوى كرم وعاصي الحلاني. كما يستعيد الصلة بجمهور الشباب، من خلال أمسيات نانسي عجرم وفارس كرم وماجد المهندس وفضل شاكر. ويفرد حيّزاً للثقافات العالمية، مثل الباليه والمسرح العالمي والفنون الشعبية مع فرق «آرا دو مدريد»، و«باليه موسكو» و«أنجل باديلا كرسبوا» المكسيكية، و«غولد ستار» للرقص من أرمينيا، الشاعرة اليابانية كيكو كوما، والفرقة النيجيرية «أباما»، ومسرحية «بودي غارد» لعادل إمام... كما يشهد مشاركة أميركية، كانت انقطعت عشرين عاماً عن المهرجان. إذ أحيت فرقة «أوزماتلي» حفلة شبابية على المسرح الجنوبي، أول من أمس. كما تشارك هذا المساء الأوركسترا الأميركية العالمية «ميستو».
ولا يجد «جرش» حرجاً في التخصص في الفنون من رقص وغناء وموسيقى فقط، وخصوصاً أنّ أمسيات الشعر لم تكن تستقطب الجمهور سابقاً، ولم يجهد في البحث عن أسماء لم تشارك سابقاً. هكذا، تستضيف الدورة الجديدة 50 شاعراً من 17 دولة من العالم، على أن يفتتح الأمسيات محمد علي شمس الدين ويختمها الياس لحود.
وإذا كان معظم المثقفين يتأففون من طغيان الجانب الترفيهي على البرمجة، فإن عين المهرجان على المكاسب التجارية والسياحية، ولا بد له من أن يضمن حفلات ناجحة على المسرح الجنوبي حيث تنفد التذاكر، وتغص المقاعد بالجمهور العربي، والخليجي تحديداً. ويلاحظ أن أجواء الاحتفال امتدت حتى العاصمة عمّان، فيما غابت تماماً عن المدينة التي تحتضنها. إذ تخلو شوارع «جرش» من أي مظاهر احتفالية، ويبدو المهرجان مسيجاً بأسوار المدينة الأثرية. وتضم الساحة الرئيسية في المدينة القديمة من عمّان فعاليات متواضعة، شبه مجانية. فيما المشاهد الأردني العادي عاجز عن حضور العروض الرسميّة، بسبب ارتفاع أسعار التذاكر... إذ تصل قيمة بعض التذاكر إلى 15ديناراً للشخص الواحد (22 دولاراً أميركياً).

مهرجان جرش، للاستعلام والحجز : 0096265675199