طغى العنصر الشبابي على الأمسية التي افتتحت مهرجانات «بيبلوس» مساء أول من أمس... في الهواء الطلق، انتظر جمهور الشباب هديته «الثمينة» عند سفح قلعة جبيل الأثرية، عند المرفأ القديم، حيث أقيم المسرح ليحتضن اللقاء المنتظر بفرقة Nouvelle Vague الفرنسية. ربحت إدارة المهرجان رهانها في استعادة أجواء العيد... لكن بعض المقاعد بقيت فارغة، كأن جزءاً من الجمهور يتردد، لا يعرف كيف يتخلص من تشاؤمه وخوفه. هناك سبب آخر، هو أن الإعلان عن برنامج المهرجان جاء متأخراً، أياماً قليلة قبل الافتتاح فقط، الأمر الذي لم يتح للحملة الإعلانية أن تؤتي ثمارها. بأية حال، لا بأس من اعتبار هذه الانطلاقة ــــ الناجحة رغم كل شيء ــ عمليّة «جسّ نبض» لمزاج الجمهور، ومستقبل العروض اللاحقة.
والذين لم يأتوا، خسروا الكثير... فالأمسية الافتتاحية لـ«مهرجان بيبلوس» لم تكن عادية. برهنت Nouvelle Vague عن ذكاء في كيفية التفاعل مع الجمهور الشاب مزاحاً وغناءً وأداءً وموسيقى... ما أضفى على الأمسية نكهةً خاصة. حتى إنّ أداءها جاء مختلفاً عمّا اعتدناه في ألبوماتها الموسيقية.
«نوفيل فاغ» التي تسترجع الثمانينيات أيام انتشار «الموجة الجديدة» في موسيقى البوب البريطاني، تستعيد أغنيات لرموز تلك الحقبة بأسلوب جديد. هكذا، أدّت الإنكليزية ريبيكا دوبينغ والفرنسية ميلاني بان أغنيات من رواد تلك الموجة مثل Blondie, Depeche Mode, New order, Joy Division. والجدير بالذكر أن معظم الأغنيات جاء من ألبوم الفرقة الأول (الذي حمل عنوان Nouvelle Vague)، وبينها أغنيات Love will Tear us apart و This Is Not a Love Song .وهو الألبوم الذي أطلق شهرتها عام 2004.
والطريف أنّه لدى أداء أغنية Too Drunk To Fuck، أبدت ميلاني استغرابها من ترداد الجمهور للأغنية، قائلةً: «قالوا لي إنّكم لن تردّدوا هذه الكلمة أبداً في هذا البلد، يبدو أنهم كذبوا عليّ. الكل يكذب هذه الأيام!»، لتعود صيحات الجمهور الذي أظهر حيوية فريدة في تفاعله مع ميلاني.
وكانت هندسة الصوت لافتة، فيما تم التنسيق بشكل لافت، حتى بات مستحيلاً أن يبدو عزف إحدى الآلات نافراً على آلة ثانية. أما الأداء، فقد جاء مميزاً، وخصوصاً أنّ لميلاني وريبيكا حضوراً آسراً. فيما اعتمدت الوصلة على عرض مشهدي قدم على شاشة خلفية، أظهر مقتطفات من أفلام قديمة، وشرائط تحريك وصوراً من حياة الفرقة... وقد عزّز من تكامل العرض وجود تناقض بين المغنيتين أداءً وأسلوباً: فكان لدينا صوت ناضج تمثّل في ريبيكا بثوبها الأسود، بينما جاء صوت ميلاني ليكمل أسلوبها الطفولي والمراهق الذي تمثّل بثوب طفولي فاتح. وبين عازف الغيتار، وعازف الكيبورد، وعازف الدرامز، برع عازف الكونترباص الذي قدّم وصلةً اعتمدت على آلة مميزة أصلاً هي الكونترباص بيكولو (صغير الحجم).
في النهاية، قد يكون سرّ النجاح الذي حظيت به «نوفيل فاغ» في العالم وفي «بيبلوس»، أول من أمس، يعود إلى عدم «فرنسة» الأغنيات الإنكليزية... وهو فخّ طالما شوّه الروح الموسيقية لأغاني الـ«روك أند رول». موعدنا المقبل في ميناء جبيل، مساء الخميس ٢ آب مع التينور أليساندرو سافينا.
(الأخبار)