strong>محمد عبد الرحمن
كثيرٌ من النجوم وقليلٌ من الضجة الإعلامية. هكذا مرّت أيام «أوسكار الفيديو كليب» في الغردقة. شُغل الحاضرون في تكريم المغنين والممثلين وتوزيع الجوائز، وأهملوا القضية التي اجتمعوا من أجلها... إنها مهرجانات الظلّ تنعش صيف مصر، وتسلّي الناس والفنانين

«بلد بتاعة شهادات صحيح»... هذه الجملة التي أطلقها عادل إمام، قبل أربعين عاماً تقريباً، في مسرحية «أنا وهو وهي» أمام فؤاد المهندس، صنعت له شهرة كبيرة. يومها، ردد إمام العبارة خلال العروض، منتقداً المجتمع المصري الذي يهتمّ بحصول الفرد على شهادة جامعية حتى لو كان يفتقر إلى المهارات العملية... الجملة ذاتها عادت تتردد من جديد في السنوات الأخيرة، إنما مع تغيير، يناسب كمّ المهرجانات التي تشهدها مصر، خصوصاً في فصل الصيف، وهكذا تحوّلت العبارة إلى «بلد بتاعة مهرجانات صحيح». حتى أن منتقدي تلك الفعاليات، قالوا ساخرين إن مصر لم تعد بلداً صناعياً أو زراعياً، بل أضحت «وطن المهرجانات».
يتجدد هذا الكلام مع انتهاء الدورة الثامنة لمهرجان «أوسكار الفيديو كليب» (أول من أمس)، وتنظمه الجمعية المصرية لفن السينما، وأقيم هذا العام للمرة الأولى في الغردقة... وسبب اختيار المدينة التي تقع على ساحل البحر الأحمر، يسلط الضوء على قضية مهرجانات الظل التي تستمر رغم كل الانتقادات. فـ «أوسكار الفيديو كليب» الذي يديره الصحافي عبد المنعم سعد، يعاني من كثرة الديون، وهو ما دفعه إلى تغيير مكان إحيائه سابقاً في مدينة شرم الشيخ، واضطراره إلى إقامة دورة العام الماضي في منطقة الجيزة. لكن دورة العام الماضي خرجت في ظروف عصيبة، خصوصاً أنها تزامنت مع حرب تموز في لبنان.
ولأن المهرجان سياحي بالأساس، كانت الغردقة المحطة الأنسب لدورة هذا العام التي حملت شعار «الفن رسالة سلام»، من دون أن يطبق هذا الشعار في الفعاليات التي استمرت أربعة أيام متتالية (من 27 إلى 30 تموز (يوليو) المنصرم). غابت عنها الأضواء تماماً بسبب عزوف المهرجان عن دعوة الصحافيين، توفيراً للنفقات وتلافياً للصدامات في آن واحد... كذلك غابت عنها النقاشات الفعلية التي تسلط الضوء على تجارب الفيديو كليب، هذه المادة الإعلامية التي تفقد بوصلتها يوماً بعد يوم في ظل غياب المعايير.
انطلقت فكرة مهرجان أوسكار الفيديو كليب من الجمعية التي تصدر مجلة «السينما والناس»، وهي إحدى أقدم المجلات الفنية في مصر، وقد شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات العشر الأخيرة. هذا التراجع عوّضه عبد المنعم سعد عبر الاهتمام بمهرجان «أوسكار السينما» المصرية الذي يقام في الربع الأول من كل عام قبل أن يكتشف غياب أي مهرجان خاص بالفيديو كليب، فقرر أن يكون صاحب السبق. وعلى رغم التشابه الكبير بين كل أغاني الفيديو كليب إلى درجة أن الاستنساخ بات سمة أساسية في هذه الصناعة، لم يمنع ذلك إدارة المهرجان من ابتكار جوائز تجذب الفنانين والمنتجين. وهو ما دفع بعدد من المتابعين إلى التشكيك بصدقية الجوائز، وأنها تقدّم بشرط أن يغني النجم الفائز في إحدى سهرات المهرجان. ولهذا السبب، تشارك نجمة معروفة في حفلة الختام أو الافتتاح.
ومن مفارقات إحدى الدورات السابقة على سبيل المثال، أن هيفا وهبي تسلمت جائزتها في حفلة الافتتاح، لأنها لم تستطع البقاء حتى الختام. كذلك فوجئت نيكول سابا بحصولها على جائزة الجمهور بدلاً من جائزة أفضل كليب. وهي الجائزة التي ذهبت إلى مي حريري، حتى تضمن اللجنة المنظمة حضور النجمتين في حفلة الختام.
ليس هذا فحسب، بل تضيف إدارة المهرجان كل عام أسماء جوائز جديدة، مثل جائزة أحسن أغنية، مع أنه مهرجان للصورة لا للصوت. كذلك سمحت بمشاركة أغنيات مركّبة من لقطات أفلام سينمائية، على خلفية صوت أحد المطربين. وهي الكليبات التي تشارك فيها قناة «النيل للدراما»، وغالباً ما تفوز بجائزة تضمن تغطية جيدة للمهرجان على شاشتها، على رغم أن العمل نفسه عبارة عن تفنن في المونتاج لا أكثر ولا أقل. وفي دورة هذا العام، نشب خلاف كبير داخل قناة «النيل للدراما»، بسبب سفر مجموعة محددة من العاملين في القناة على حساب المهرجان، على رغم عدم مشاركة معظمهم في المسابقة. أي أن الأمر تحوّل إلى نزهة سياحية تحمل لافتة مهرجان أوسكار الفيديو كليب، فيما حمت اللجنة المنظمة نفسها بدعوة فنانين كبار بشكل مستمر خلال الفعاليات، مثل مديحة يسري التي تتولى رئاسة اللجنة العليا، والموسيقار محمد سلطان والفنانين محمود ياسين وعزت العلايلي اللذين يشاركان دائماً.
بقي أن نذكر أن جوائز هذا العام لم تأت بأي جديد: الفنانة نبيلة عبيد التي كانت عضو لجنة تحكيم مسابقة العام الماضي، حصدت جائزة أفضل أداء تمثيلي وغنائي عن أغنية «أبوسك» التي قدمتها في فيلم «مفيش غير كدة» للمخرج خالد الحجر. وهذا الأخير نال جائزة أفضل مخرج فيديو كليب سينمائي عن «حبة حبة» للفنان محمد منير. وكانت الكويتية شمس نجمة حفلة الختام لأنها تبرعت بالغناء بعد الفوز بجائزة أفضل مطربة عربية عن فيديو كليب أغنية «غمضت عينيك». وهو ما تكرر مع التونسية سومة التي قدمت «كليب» واحداً في مسيرتها هو «بحبك بس»، ومع ذلك فازت بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.
وكان المهرجان قد كرّم في حفلة الافتتاح الفنانة وردة، والموسيقار محمد نوح، والمقدمة اللبنانية سوسن السيد، ومدير مهرجان الجاز التونسي زكريا الزقلي، والفنانين الراحلين تحية كاريوكا واسماعيل ياسين.. إضافة إلى تكريم خاص للمخرج يوسف شاهين، وإهداء درع المهرجان لاسم الراحل حسن أبو السعود. كذلك أقيمت ندوة عن «السينما كليب بعنوان أغاني الأفلام من منظور سياحي
وثقافي».