ملاك مكي
«ما لازمك كتب، وأنا ما لازمني أي نوع من العذاب»، «ما في واحد سأل وقال راجع وما بيرجع إلاّ وكان كذّاب وجبان».
تلفت هاتان الجملتان المعلقتان على عربة صغيرة، تختلف عن عربات الخضار والخرضوات باحتضانها كتباً ومؤلفات قديمة. هذه عربة عدنان عز الدين (65 سنة) الذي ينتقي الكتب القديمة بعناية، بعدما تمرّس في هذه المهنة، إذ بدأ العمل بها قبل 40 سنة.
في بداية الحرب الأهلية، احترقت «بسطة الكتب» في ساحة الدبّاس، انتقل بعدها إلى الروشة، ليستقرّ عند مستديرة الغبيري.
كثيرون يقصدون المعلم عدنان لثقتهم بمعلوماته، وخاصة أبناء الريف الذين «يهتمّون اليوم أكثر بالثقافة من أبناء المدن». يساعدهم في إيجاد المرجع المناسب لبحث ما. يعرف جيداً مضامين الكتب، لأنه قرأ معظمها بنهم، ينتقد بشدّة حال المجتمع اليوم حيث المال هو السلطان الأكبر، يستشهد بقول نابليون “l’argent fait tout, tout fait la guerre”، يأسف لواقع الأمة العربية التي «يمكنها الانتصار على العدو، إذا عرفت كيف تستثمر طاقاتها». يُرجع سبب التدني في شراء الكتب إلى الأزمة الاقتصادية التي يعانيها المواطن وإلى عدم معرفة عدد كبير من دور النشر بحاجات المجتمع الثقافية.
الكتب الدينية والتاريخية هي الأكثر مبيعاً، وعدنان لكونه قارئاً قديماً، يستمتع بكلّ أنواع الكتب. تقترب منه شابة وتسأله: «معك شي أشعار»، يهزّ رأسه متأسفاً على نمط السؤال ويجيبها بـ:
«العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون»...