خالد صاغيّة
استفاق اللبنانيّون على أعداء جدد يهدّدون أمن الوطن. إنّهم الإرهابيّون. لم يحتجْ أهل السياسة إلى استلهام فولكلورهم الاعتياديّ للترويج لهذه الظاهرة. فقد وفّر الأميركيّون لهم، إضافة إلى السلاح، المادّة الكاريكاتوريّة للتعاطي مع الإرهابيّين. وما زاد من الكاريكاتوريّة استبدال دونالد رامسفيلد بالياس المرّ.
فتح الإسلام... جند الشام... مجموعة الضنيّة... أسماء مجموعات تردّدها السلطات المتعاقبة إلى جانب كلمة «إرهاب» من دون أن يتجرّأ أحد على الحديث عن «الإرهابيّ». فالحديث بصيغة المفرد في هذا البلد الصغير سيكشف لنا من هم هؤلاء الأفراد الذين يحملون السلاح، من أيّة أحياء وأيّة مخيّمات جاؤوا... ماذا قدّمت لهم الدولة لتطالبهم باحترام القانون؟
تستطيع حكومة عرجاء كالتي تحكمنا اليوم أن تنفخ ريشها كالطاووس، إذ باتت شريكة لـ«الدول المتحضّرة» في حرب واحدة على الإرهاب. فترسل جنودها القادمين من القرى الفقيرة ليخوضوا حرباً على لبنانيّين وفلسطينيّين لم يجدوا مأوى لهم إلا داخل مخيّمات مهملة.
تفعل الحكومة العرجاء ذلك من دون أن تسأل ما إذا كان خطابها السياسي قد أسهم في شحن القوى المسمّاة حديثاً إرهابيّة. تفعل ذلك من دون أن تعيد النظر بسياسات اجتماعيّة واقتصاديّة لم تنتج إلا بؤر الفقر والحرمان، جنباً إلى جنب النهب المنظّم والثراء الفاحش. تفعل ذلك وهي تنكر على الفلسطينيّين حقوقهم المدنيّة ثلاث مرّات قبل صياح الديك.
في بلادنا إرهاب. أمّا الإرهابيّون فمقنّعون. وراء أقنعتهم، تختبئ وجوهنا.