عبادة كسر
ناجي غ. (16 عاماً) من إحدى قرى شمالي بعلبك، اعتاد منذ بدء العام الدراسي الحالي أن يسهر مع والده عند أصدقاء الأخير، ومع اقتراب نهاية العام الدراسي قرر الوالد عدم اصطحابه الى سهرات لعب الورق وحرمه التنزّه واللعب مع رفاقه.
لم يرتح ناجي لهذا القرار، وحاول مراراً إقناع والده بأنه سوف يُكثّف درسه ونشاطه إذا اصطحبه الى السهرات التي يُفضّل وشارك في لعب الورق. لكن الوالد رفض، وتوسّلات الابن ذهبت سدىً. عندها قرر ناجي أن ينتقم من والده وفكر في حيل متنوعة.
بعد طول تفكير تذكّر ناجي بأن الوالد يمر يومياً بجانب مقبرة وهو شديد الاضطراب، وخاصة عندما ينقطع التيار الكهربائي عن الشارع، إذ
هو يخاف من الظلمة. وتــذكر أيضـــــــــاً أن والده عندما يقترب من المقـــــــــابر يقول: «السلام عـليكم يا سُكان القـــــــبور أنتم السابقون ونحن اللاحقون»، ثم يقرأ سورة الفاتحة.
طلب ناجي من أحد رفاقه في القرية أن ينتظره عند طرف الطريق في سيارته. وانتظر هو عودة والده في ســــــاعة متأخرة من الليل، وذلك بعدما اختبأ وراء سور المقبرة، وعندما مرّ الوالد قال عبارته المعتادة، فأجابه ناجي بصوت حـــــــاد ومرتفع: «عليكم السلام ورحمة الله وبركاته»، وبـدأ يزمجر ويصدر أصواتاً عالية مع ارتطام قدمـــــــــيه بالأرض. شعر الوالد بالخوف، وراح يصرخ وأخذ يركض حتى وصل إلى المنزل رافضاً أن يخبر أحداً ما حلّ به. ومنذ تلك اللحظة وما إن تغيب الشمس يقبع الوالد في منزله ولا يغادره برهة حتى شروقها.
اعتبر ناجي أن خطته قد نجحت، وأسرّ لأصدقائه بأنه ينوي الانتقام من أساتذته بالطـــــــريقة عينها التي اعتمدها لإخافة والده.