دبي ــ شيرين الفايدي
ينفي رئيس فضائية «الحياة المصرية» حافظ الميرازي أن تكون القناة، المتوقع انطلاقها في غضون أشهر قليلة، متحدثة باسم «حزب الوفد» المعارض أو تابعة له، على رغم أنّ مموّلها الأساسي هو السيد البدوي، العضو القيادي في الحزب، ورجل الأعمال الذي يملك مجموعة شركات تستثمر في مجال الأدوية. ومع ذلك، فإن توجّه القناة يُظهر بوضوح أنها ستنتهج خطاً إعلامياً يتطابق مع أفكار «الوفد» وتوجّهاته التي تركّز على تمصير الحياة السياسية والإعلامية في البلاد بشكل كامل.
من هنا، يقول الميرازي (مدير مكتب «الجزيرة» في واشنطن سابقاً) إن «الحياة المصرية» ستكون فضائية محلية، تقدم أخبار مصر من خلال أبنائها، وتعكس للمُشاهد الحياة المصرية بكل تفاصيلها السياسية والاجتماعية والفنية والاقتصادية، ما يعني أن اهتمامها بالقضايا العربية سيكون ثانوياً. والقناة في حال انطلاقها على هذا النحو، تكون نفّذت إعلامياً التوجّه السياسي لحزب «الوفد» الذي كان دائماً حزباً مصرياً، يرى في علاقات مصر العربية شأناً ثانوياً، وهو ما زال يرفع شعار «مصر للمصريين».
لا شكّ في أن «مصر للمصريين»، لكن لأبناء هذا البلد جانب أساسي في هويتهم وانتمائهم هو الجانب العربي أو البعد العربي الذي تكرّس بعد قيام الجمهورية في أعقاب ثورة 1952، وما زال حاضراً، على رغم الاختلاف في توجّهات الرؤساء الذين حكموا مصر منذ عهد الملكية.
إذاً الأساس في توجّه القناة الجديدة يعطي الانطباع بأنها تريد إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وتحديداً إلى المرحلة التي كان فيها التوجّه السياسي والإعلامي للوفد يسيطر على الإعلام في مصر. لذا يمكن تلخيص توجّهاتها بشعار «إعادة تمصير الإعلام المصري»، وبالتالي السياسة المصرية. وهو ما يفترض بأن يكون «الوفديون» أكثر المستفيدين منه في مواجهة التيارات الإسلامية المصرية التي تركّز، إضافة إلى القضايا المصرية، على موقع البلاد في العالم الإسلامي، ومواجهة التيارات القومية العربية التي تشدد، فضلاً عن الشؤون المحلية، على موقع مصر في العالم العربي.
ويبدو لكثيرين أنّ تراجع نفوذ حزب الوفد الذي طالما كان الأول في الحكم قبل الثورة، وفي المعارضة بعد تشريع الحياة الحزبية في مصر في عهد الرئيس أنور السادات، يعود ــ بين أسبابه الكثيرة ــ إلى غرق السياسة المصرية في القضايا الإقليمية العربية والإسلامية. وهو ما يجعل، بالنسبة إلى كبار الوفديين، تمصير الحياة السياسية والإعلامية فرصة للعودة إلى الواجهة، وخصوصاً أن البلاد تعاني الكثير من المشاكل الداخلية التي تحتاج إلى تركيز وبحث، والتي يمكن استثمارها للإفادة منها سياسياً.
ومع أن المشاريع التلفزيونية، وخصوصاً الفضائية، هي مشاريع إعلامية وربحية، إلا أنها ــ وقبل كل شيء ــ مشاريع ذات طابع سياسي، تخدم هدفاً سياسياً أو نهجاً سياسياً. وغالب الاعتقاد أن نهج التمصير أو الانغلاق مصرياً، سيفتح آفاقاً واسعة لدى المحطة الجديدة، وخصوصاً بالنسبة إلى الدعم من جانب جهات غربية. وهي تدعم التوجهات المعارضة سلمياً للحكم، لكنها في الوقت نفسه تعارض التوجهات الإسلامية العروبية لأي معارضة حتى ولو كانت سلمية.
أخيراً، يكشف الميرازي عن أن الوجه العربي الوحيد في القناة سيكون مذيع «الجزيرة» السابق أكرم خزام، موضحاً أن القناة لن تكون إخبارية، إنما قناة عامة تجمع بين «العربية» و«إم بي سي». ولن تعرض مسلسلات إنما ستكتفي بنوعية من الأفلام المنتقاة التي تقدم غالباً في إجازة نهاية الأسبوع. وعن حجم الموازنة المرصودة للمحطة، التي كثرت الأرقام حولها، وتردد أنها حوالى 50 مليون جنيه مصري (تسعة ملايين دولار تقريباً)، رفض السيد البدوي، الممول الأساسي للمحطة ووكيل المستثمرين، الإفصاح عن أي رقم، لكنه أكد أن حجمها أكبر من المعتاد في اقتصاديات الفضائيات المصرية، مشيراً إلى أن رأس المال مصري صرف، خالٍ من أي استثمار عربي أو أجنبي.