خالد صاغيّة
منذ اندلاع الحرب في مخيّم نهر البارد، أظهر زعماء لبنانيون كثر قناعة راسخة بأنّ فتح الإسلام ليست إلا تنظيماً مستورداً يعمل أداةً في يد المخابرات السورية. قد يكون لهذه القناعة ما يدعمها على أرض الواقع، وقد يكون لها ما يدحضها. لكنّ ما تجدر ملاحظته هو أنّ هذا الاتّهام لا ينبع فقط من موقف سياسيّ يريد اتّهام النظام السوري بالتوتّرات الأمنية في لبنان، إنّما يجد جذوره في نظرة اللبنانيين إلى أنفسهم وإلى الآخر.
فجوهر الموقف هو أنّ البلاد التي اشتعلت فيها ثورة الأرز (والتي أنجبت جبران خليل جبران) لا يمكن أن تنتج مجموعات من طينة فتح الإسلام وجند الشام وعصبة الأنصار. الكبرياء اللبنانية لا تحتمل جرحاً كهذا. وقد عبّر أحد الرؤساء السابقين عن امتعاضه لمجرّد التلفّظ بأسماء هذه المجموعات، معتبراً أنّها تليق بأفغانستان أو العراق أو فلسطين، لكن أنّى لها أن تجد لها مقرّاً هنا في سويسرا الشرق؟
كان يمكن لهذا الموقف الشوفيني أن يكون أقلّ خطورة لو لم تتجاوز تبعاته السجال حول نشأة مجموعة فتح الإسلام، لتشمل طرح العلاجات للأزمة. فإذا كانت فــتح الإسلام جسماً غريباً زرعه المحـيط «المتخلّف» في وطننا، فإنّ «المسيحي لن يسكت». وهو لن يسكت لأنّه، وفقاً للنظرة نفسها، هو أساس وجود هذا الوطن. ألم يقترح أحد النوّاب القوّاتيّين، إيجاد حـــلّ للأزمة عبر دعوة الأفرقاء اللبنانيين للاجتماع في... بكركي؟