يمكن تحديد «ولادة» المسرح في السعودية، عام 1960، مع مسرحية «فتح مكة» التي كتبها محمد مليباري. وكان يُفترض عرضها على «مسرح قريش» الذي كان سيفتتحه أحمد السباعي، إلا أنّ المشروع أُجهض بعدما وقف تيار المتشدّدين في وجهه. على رغم ذلك، يؤرّخ هذا المشروع لبدايات المسرح السعودي. على أنّ أول مسرحية عُرضت للجمهور في السعودية هي «طبيب بالمشعاب» في الرياض عام 1973، وأخرجها رئيس «الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون» إبراهيم الحمدان عن نص موليير «طبيب بالإكراه»، استناداً إلى ترجمة الشاعر اللبناني إلياس أبو شبكة.
أمّا أول نص مسرحي سعودي فوُضع قبل ولادة المسرح بسنوات، بل تزامن مع تأسيس المملكة العربية السعودية. مسرحية «الظالم نفسه» (1932)، تُعتبر أول نص شعري مُمسرح، وأقدم النصوص المسرحية في الخليج كتبها الشاعر حسين عبد الله سراج خرّيج الجامعة الأميركية في بيروت.
أكاديمياً، كان قسم الإعلام في جامعة الملك سعود يحتضن التخصص الأوحد في المسرح، إلا أنه أُغلق قبل بضع سنوات. ويوضح محمد العثيم، المؤلف المسرحي وأستاذ قسم المسرح في جامعة الملك سعود سابقاً، وأحد أبرز رواد المسرح في السعودية، أن المسرح السعودي شهد، بعد البدايات المتعثّرة في ستينيات القرن الماضي، فورة في السبعينيات تبعتها إرهاصات النضج في الثمانينيات التي زخرت بأعمال درامية من اجتهادات مهتمين بالمسرح، وبدعم من الإنتاج التلفزيوني آنذاك. وجاء الترسيخ من طريق مهرجان الجنادرية الذي احتضن النشاط المسرحي بشكل سنوي. لكنّ أوهام الاحتراف والانتشار ما زالت تصطدم بالعوائق الثقافية والاجتماعية والفقهيّة التي أدت إلى تعثّر مسيرة المسرح السعودي، واقُتصر حضوره على المهرجانات الدولية.
ويُرجع بعضهم التأخر في نشوء المسرح في السعودية إلى الطبيعة السوسيولوجية والجغرافية للمملكة: البيئة البدوية، وحركة التنقل والترحال وعدم الاستقرار... التي لا تشكّل مناخاً مناسباً لنشوء مسرح يحتاج إلى مجتمع مديني يستوعبه، إضافة إلى عامل الأمّية وانغلاق المجتمع السعودي. أما العنصر الأهم فهو التقاليد والأعراف التي تأخذ منحىً دينياً صرفاً، وتجافي المسرح باعتباره إحدى الظواهر المستوردة.
هكذا، ظلّ المسرح السعودي يراوح مكانه... «في انتظار غودو» (بالإذن من صموئيل بيكيت)، من دون أن يؤسّس لحركة مسرحية فاعلة توازي ما أُنجز في دول الخليج المجاورة.
ويرى الكاتب المسرحي فهد الحوشاني أنّ وصف وضع المسرح السعودي بالأزمة تعبير غير دقيق، فـ«منذ البدء وهو يعاني أزمات تضغط عليه». ويرى عبد العزيز إسماعيل أنّ وصف واقع المسرح السعودي الآن بالأزمة «قفز على الواقع المسرحي المتأزم أصلاً منذ بداياته».
أخيراً، تعتبر عروض المسرح في مهرجان الجنادرية السنوي للتراث والثقافة، النافذة الوحيدة التي تجمع المسرحيين السعوديين من مختلف مناطق المملكة، حيث يلتقون ويتبادلون الخبرات ويستمدون الأمل بأن يحظى هذا الجانب الثقافي بالدعم والرعاية اللازمين.