الجزائر ــ الياس مهدي
في السنوات الأخيرة، نجحت LBC في انتزاع لقب القناة «الأكثر إثارة للجدل» في الجزائر. بعد الضجة التي أحدثها «ستار أكاديمي» في موسمه قبل الأخير، وانتهت بتدخّل الرئيس بوتفليقة لإيقاف بثّ البرنامج على التلفزيون الجزائري، عادت القناة لإثارة الجدل، من خلال برنامج البحث عن الزوج المناسب: «قسمة ونصيب». إذ خرجت أسرة المشتركة الجزائرية أميرة لتعلن سخطها على البرنامج، مهددةً بالوصول إلى حد مقاضاة المحطة اللبنانية. بعد الشقيقتين سلمى وريم غزالي (من خريجي «ستار أكاديمي») ها هي أميرة شرابي تصنع الحدث في الجزائر، وتثير اهتمام بعض الشخصيات السياسية ووسائل الإعلام. وفيما مرت مشاركة سلمى في «ستار أكاديمي» مروراً هادئاً، أقامت مشاركة شقيقتها ريم، في العام التالي، الدنيا ولم تقعدها. إذ خصص التلفزيون الجزائري حينها مواعيد للبثّ المباشر من داخل الأكاديمية في أوقات الذروة، مساء كل جمعة. ولم تمض أسابيع قليلة، حتى خرجت بعض الصحف مندّدةً بتصرفات شباب الأكاديمية، وراح رئيس حركة «مجتمع السلم» (حزب إسلامي) يهدد بمساءلة رئيس الحكومة عمّا سماه «المساس بثوابت الأمة التي يحميها الدستور»، متهماً البرنامج بخدش الحياء العام. يومها، رفض مدير التلفزيون الجزائري حمراوي حبيب شوقي «الانصياع» للأصوات المطالبة بإيقاف هذه «المهزلة». وردّ حينها: «يعيش العالم ديمقراطية، ومن لم يعجبه البرنامج، يمكنه تغيير القناة». لكن سرعان ما أوقف البث المباشر، ووعد مدير التلفزيون بعقد ندوة لشرح خلفيات القرار، لكنه لم يفعل! قبل أن يخرج رئيس الحزب الإسلامي ليقول للصحافيين: «إن البرنامج أوقف بقرار من الرئيس بوتفليقة بعدما أبلغناه وجهة نظرنا». في المقابل، أثار القرار ردود فعل مختلفة، وقال الصحافي عمر بلهوشات، مدير صحيفة «الوطن»، المعروفة بتوجهها العلماني، والصادرة بالفرنسيّة: «حرموا شبابنا اليوم من «ستار أكاديمي». وغداً، سيملون علينا ما ينبغي مشاهدته على التلفزيون!».
اليوم، يتكرّر السيناريو نفسه، لكن مع بعض الاختلافات. إذ خرجت أخيراً عائلة أميرة شرابي عن صمتها، مشيرةً إلى أنّ الابنة اشتركت في البرنامج من دون موافقة أهلها، وقد توجهت إلى بيروت قبل أيام من زفافها. وانتقدت العائلة ما وصفته بـ«تعرّض أميرة لضغوط داخل مبنى البرنامج». وصرّح الصحافي سمير بوجاجة الذي فتح ملف القضية في صحيفة «الشروق اليومي»: «اتصل بي والد أميرة أمس ليخبرني أنه طلب من مسؤولي «إل بي سي» السماح لخطيبها بزيارتها، وخصوصاً أنها رفضت الحديث هاتفياً مع أفراد عائلتها». وأشار بوجاجة: «نعلم أن المسؤولين في الفضائية اللبنانية على حقّ حينما يقولون لنا إنهم غير مسؤولين عن الخلاف بين المرشحة وعائلتها. لكن مجتمعنا لا يتقبّل تسويق فكرة الزواج على التلفزيون...». ويتساءل: «حينما تُقصى أميرة، هل تعتقدون أنها ستعود إلى بيتها بعد كل الذي حدث مع عائلتها؟». في المقابل، أكدت سنا إسكندر، المسؤولة الإعلامية في المحطة، أن إدارة البرنامج لم تكن تعلم بمشاركة شرابي من دون موافقة أسرتها، مشيرة إلى «اتصالات بين المحطة والمعنيين لحلّ هذا الخلاف العائلي». في النهاية، يمكننا تفسير الضجة حول «تلفزيون الواقع» في الجزائر إلى طبيعة المجتمع «المتناقض» و«المعقّد» بتركيبته السوسيولوجية، على اعتباره مجتمعاً مسلماً ومحافظاً، لا يخلو من مظاهر التحرر أيضاً، وميل فئات عريضة إلى اتباع نمط الحياة الأوروبية في اللباس والأكل وحتى السلوك الاجتماعي. وعلى رغم انتشار الصحون اللاقطة في البلاد، وبروز مظاهر التحرر لدى بعض فئات المجتمع، لا يرى كثيرون في رفض الجزائريين لهذه البرامج كبتاً، بل «تمسكاً بالتقاليد والقيم». في المقابل، يؤكد آخرون ــ لا يجاهرون بموقفهم ــ أن الشباب الجزائري يعاني كبتاً، وينتظر اللحظة المناسبة للتعبير عنه، وهو ما تجلّى في سلوك أميرة التي انتفضت على أسرتها، على حد تعبيرهم.