صباح أيوب
كان طبيعياً أن يخطف حدث تشييع النائب وليد عيدو وبقية الشهداء «الهواء المباشر» أمس من أحداث نهر البارد على المحطات التلفزيونية المحلّية. هكذا غابت صور أعمدة الدخان، وملاحقة الكاميرا لمواقع الانفجارات داخل المخيم، وإطلالات المراسلين ومعلوماتهم المتفاوتة، وقد اعتدنا مشاهدتها يومياً منذ بدء الاشتباكات بين الجيش اللبناني وعناصر «فتح الإسلام». وفيما احتلّت تطورات المعارك الداخلية الفلسطينية الجزء الأكبر من حصّة الأخبار في الفضائيات العربية، تميّزت بعض الفضائيات الغربية مثل «أورو نيوز» و«سي إن إن» بنقل الحدث اللبناني على طريقتها. المحطة الأوروبية «أورونيوز» خصّصت لموكب التشييع والخطابات المتتالية، فقرة «بدون تعليق» المباشرة وذيّلتها بعبارة «مقتل نائب لبناني معادٍ لسوريا في بيروت». وجاء خبر الاغتيال في سياق النشرة مع تحديد موقعه بين الاغتيالات التي سبقته، والتذكير بصدور قرار المحكمة الدولية أخيراً. أمّا «سي إن إن» فانفردت بتحليل سياسي بين مذيع الأخبار في استوديوهات المحطة، ومراسلها في بيروت الذي ذكّر أيضاً بالاغتيالات السابقة وربط مقتل عيدو بها. وتحدّث عمّا تتناقله بعض الأوساط في لبنان عن «العملية الحسابية» التي تقضي «بتقليص عدد النواب المعارضين لسوريا داخل البرلمان اللبناني، ليتمكّنوا من قلب المعادلة السياسية الحالية». وعرضت «سي إن إن» بطاقة تعريف مصغّرة عن الشهيد عيدو، أبرزت فيها فقط انتماءه الديني وعضويته في تيار «المستقبل».
على الصعيد المحلّي، انشغلت الأوساط الإعلامية بالخبر الذي ورد أول من أمس عن مذيعة في إحدى المحطات التلفزيونية المحلية، التي تفوّهت ببعض العبارات القاسية في معرض الحديث عن حادثة اغتيال النائب عيدو، من دون علمها بأنّ أحد مسؤولي 14 آذار ينتظر على الخطّ، فسمعها وسُجّل الحديث الذي يتردد أنه أحيل على لجنة التحقيق الدولية، علماً بأن المذيعة فُصلت من المحطة.
هكذا اهتمّت الشاشات المحلّية، منذ الصباح، بنقل مراسم التشيــــــــيع وانتـــــــقال المواكب في شوارع بيروت. وعملت كل من المؤسسة اللبنانية للإرسال و«نيو تي في» و«المستقبل» و«المنار» و«إن بي إن»، على استقبال محلّلين سياسيين في الاستوديو، والاتصال بشخصيّات من مختلف التيارات السياسية للتعليق على الحدث. وجاء التحليل مكرِّراً، والتعليق رافضاً لتصريحات الطرف الآخر. انقسم النقل المباشر بين الجامعة الأميركية وجامع الخاشقجي والطريق الجديدة. وفي نقل صور الحشود المواكبة للنعوش، كانت هتافات تعلو، فتخترق صمت الصورة وتتجاوز نبرة المذيع ليُسمع التصفيق لحظة وصول النائب وليد جنبلاط يرافقه هتاف «الله يخليلنا إياك يا بيك» وصيحات «لبّيك سعد الدين» المتكرّرة. وبعد انتهاء النقل المباشر، عادت كليبات «لا ما خلصت الحكاية» و«قولوا الله» وغيرها تعرض من جديد، وخصوصاً على شاشة «المستقبل» التي انشغلت في الفترة الأخيرة بالاحتفال بصدور قرار المحكمة الدولية. على أيّ مشهد ستستفيق الفضائيات اللبنانية غداً: أعمدة دخان؟ انفجار؟ اغتيال؟... الخيارات باتت محدودة!