خالد صاغيّة
ثمّة شوق مفهوم لدى شريحة واسعة من اللبنانيين إلى الدولة وإلى مؤسّساتها. وثمّة تعاطف تبديه أيضاً شريحة واسعة من اللبنانيين، مع عناصر الجيش اللبناني الذين يخوضون معركة في نهر البارد سقط منهم فيها عدد كبير من الشهداء، من أجل ما سمّي بـ«استعادة هيبة الجيش». وأمام علامات الاستفهام الكثيرة المطروحة حول رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي والجسم القضائي، يبرز الالتفاف حول الجيش تمسّكاً بآخر ما يمثّل وحدة هذه البلاد الواقفة منذ أشهر على حافّة حرب أهلية.
لكنّ هذا الشوق وهذا التعاطف وهذا الالتفاف ينبغي ألا تتحوّل إلى حوافز للدخول في حفلة جنون من نوع آخر، تعيد تجربة إقحام أجهزة أمنية وعسكرية في إدارة شؤون البلاد. والمؤسف في الواقع هذا، أنّ دعوة العسكر إلى السياسة تأتي هذه المرّة من... المجتمع المدني.
فقد بدأت تظهر مقالات تدعو علناً أو مواربة إلى انقلاب أبيض يقوده العماد ميشال سليمان. وعمدت إحدى المحطات التلفزيونية إلى تلوين أرزة العلم اللبناني لتبدو مرقّطة. أمّا حبّة الكرز فوق قالب الحلوى فتمثّلت بإعلانٍ اجتاح معظم الصحف، يحمل توقيع «نقابة وكالات الدعاية والإعلان»، ويرفع شعار «الأمر لك» على خلفية من خرائط لبنان المرقّطة تماماً كالزيّ العسكريّ.
ذات مرّة، رفع سمير جعجع شعار «الأمر لي» فوق صوره لإثبات إمساكه بما كان يسمّى «المنطقة الشرقية». أيّ عبقريّة أعادتنا إلى ذاك الزمن الفاشيّ؟