محمد خير
لم تصلح في حالة سعاد حسني تلك التعازي المعتادة: ماتت لكنها حية فينا، رحلت، لكنّ أعمالها باقية.. إلى آخر ما هو صحيح، لكنه لم يكن كافياً للحديث عن السندريلا (1942 ـــ2001). منذ سقطت من شرفة منزلها في ليل لندن البارد (21 حزيران (يونيو) 2001)، لم يتوقف الناس عن انتظارها حيةً تُبعث من جديد. أسطورة غائبة، ولغزٌ بحث الجمهور عن مفتاحه مع كل عمل فني... فنانات تعاقبن على الشاشة، نبتن من أرض مصر أو جئن من خارج الحدود، كلهنّ كن صغيرات يلعبن أمام المرايا، وكل واحدة تحلم أن تنبعث داخلها سندريلّا. كانت منى زكي أولى الناطقات بملامح جيل سينما الشباب، أبدى الكثيرون إعجابهم بها وبجاذبيتها. لكن الوقت برهن أنها تنتمي إلى عالم فاتن حمامة، وأكدت سيدة الشاشة نفسها تلك النظرية عندما أبدت إعجابها بمنى، وضمّتها إلى «سلالتها» الفنية. وبدا أن زكي استكانت إلى تصنيفها، حتى قدمت سعاداً في رمضان الماضي، ورفضت بعدها الحديث عن المسلسل، كأنها كانت تحقق نزوة قديمة فحسب.
بحث الناس عن سعاد في حنان ترك، وفي هند صبري، ومنة شلبي، وياسمين عبد العزيز... كلهنّ اعتبرن السندريلا مثلاً أعلى، واكتفين بابتسامات غامضة، ردّاً على أسئلة تقارن طرق الأداء والتمثيل لديهن ولديها. ولا مانع من ردود دبلوماسية بين الحين والآخر «أين نحن منها؟». لكن ما كان واضحاً ولا يزال في ذكرى رحيل السندريلا السادسة، أن كل واحدة من الفنانات الجديدات تمتلك وجهاً من وجوهها: من امتلكت الضحكة افتقدت الصوت العذب، ومن دخلت القلوب بخفة ظلها كان ينقصها العمق... لم تعد بعد تلك الروح المجنونة المعجونة بماء العفاريت، فالاستعراض والتمثيل والطرب والحضور في جسد واحد، لا يحضر إلا مرة كل قرن، أو أقلّ قليلاً.

***


سعاد حسني هي نجمة هذا الشهر على قناة «آي أر تي أفلام». وفي ذكرى رحيلها، تعرض المحطة هذا المساء أحد أشهر أفلامها «صغيرة على الحب» (1966). في العمل الذي تتقاسم بطولته مع رشدي أباظة، تقدّم حسني أجمل الاستعراضات، وتجسّد شخصية فتاة تحلم بالشهرة والأضواء. يحمل الفيلم توقيع نيازي مصطفى، ويشارك فيه الوجه الجديد آنذاك نادية الجندي.
20:30 على art أفلام 1