خالد صاغيّة
شعر المواطن ألِف بوجع في الرأس. فخرج إلى الهواء الطلق. كان الهواء طلقاً حقاً.
مدّ يده إلى رأسه، فركه جيّداً، ثمّ راح يدخلها إلى عمق الجمجمة. أزاح بعض الشرايين، وأجزاء من الدماغ، كمن يبحث عن شيء ما عالق هناك.
المواطن ألِف يقف في منتصف الطريق. يده داخل جمجمته، يبعثر أشياءها، في حركة أقرب إلى العبثية.
للوهلة الأولى، بدا المشهد غريباً، ما أثار حشرية المواطنين الآخرين الذين تجمّعوا حول ألِف يحاولون معرفة ما يجري. لكنّ المواطن ألِف لم يتفوّه بأيّ كلمة. تابع بحثه بهدوء، محاولاً ألا تفقده وضعية اليد داخل الرأس توازنه المطلوب، فتتعثّر رجلاه الواقفتان، ويسقط أرضاً، ويفرّ دماغه من داخل الجمجمة، ويضيع بين أرجُل المارّة.
ما هي إلا لحظات قليلة حتّى بدأ الجميع يفعل الشيء نفسه، كما لو أنّ حركة المواطن ألِف قد أصابت سائر المواطنين بالعدوى. فأصبح الشارع مليئاً بالناس المتجمّعين في مكان واحد، كلّ منهم يضع يده في رأسه، يجول فيها بين زواياه.
ثمّ بدأ الجميع بالسير كأنّهم في تظاهرة منظّمة. وبدلاً من الشعارات، كانت حركة أيديهم الموحّدة تشير إلى أهداف تحرّكهم.
وجع في الرأس. يد تمتدّ إليه. تبحث عن شيء ما. تحاول أن تطرده خارج الجمجمة. دون جدوى. دون جدوى. دون جدوى.