القاهرة ــ محمد محمود
بعد حاتم علي وهيثم حقي، تخترق رشا شربتجي المشهد الدرامي المصري. المخرجة الآتية من دمشق، تسابق الزمن لإنجاز مسلسل جديد من بطولة جمال سليمان الذي أعلن الحرب على فساد الشركات الأجنبية. موعدنا مع «أولاد الليل» خلال رمضان المقبل
متوترة، لكنها واثقة من نفسها... هكذا بدت المخرجة السورية رشا شربتجي في أول لقاء لها مع الصحافة المصرية. لم يكن التوتر نابعاً من خوفها من أسئلة الصحافيين، فهي نجحت، منذ بداية المؤتمر، في التأكيد على قدراتها كمخرجة، تعرف ماذا تفعل، على رغم حداثة تجربتها. لكنّ قلقها ناتج من أي حكم قد يصدر على مسلسل «أولاد الليل» الذي يشكّل اختباراً صعباً لمخرجة «غزلان في غابة الذئاب» ونقطة مفصلية في مشوار جمال سليمان المصري.
فور دخول الصحافيين قاعة الاحتفال ببدء تصوير العمل، لم يتعرّف الحاضرون بسهولة إلى الشابة الطموحة الآتية من دمشق، بسبب ملامحها المصرية. لكن شربتجي فاجأت الجميع بكونها تحمل الجنسية المصرية (نسبة إلى والدتها)، وأنها أكملت تحصيلها الجامعي في القاهرة، ما يعني أنها جلست على الأرجح إلى جانب أحد الصحافيين على مقاعد الدراسة، هؤلاء الذين كانوا منحازين لموقف نقابة السينمائيين في ما يتعلّق بتحصيل 20 ألف دولار من أجل السماح لمخرجة أجنبية بالعمل في مصر.
إلا أنّ المفاجأة جعلت الصحافيين يتعاطفون مع شربتجي التي أكدت أنها تقدمت بطلب عضوية انتساب إلى النقابة المصرية عام 2001، لكنها سرعان ما أهملت متابعة الإجراءات، ما دفع ببعضهم إلى اعتبار قرار ممدوح الليثي مجحفاً.
في حديثها إلى «الأخبار»، تؤكد أنّها لم تتدخل يوماً في الأزمة، «فشركة الإنتاج هي التي طلبت مني المجيء إلى مصر، لذا يجب عليها توفير مناخ العمل المناسب». كما أبدت سعادتها بانتهاء المشكلة ــــــ بعد دفع الشركة المبلغ المطلوب ــــــ لأنّها لم تكن تريد تعطيل مشاركتها الدرامية الأولى في بلاد النيل التي تربت فيها وتتحدث لهجتها بطلاقة. غير أن إتقان شربتجي للهجة المصرية لم يمنعها من زيارة بورسعيد والتجوّل فيها لأيام، وخصوصاً أنّ معظم مشاهد المسلسل ستصوّر هناك، أضف إلى ذلك أنّ أهالي «المدينة الباسلة»، كما يطلق عليها المصريون، لم يُصوَروا سابقاً إلا في الأعمال الكوميدية.
من هنا، تناشد رشا الصحافيين مراراً ألا ينشغلوا بتباين اللهجات، بل أن يهتمّوا بالمعالجة الدرامية ومضمون العمل فحسب. كما أشارت إلى أن أهل بورسعيد أنفسهم لا يتحدثون بلهجتهم طوال الوقت، وهو ما سينطبق على التاجر الشهير فتحي أبو المكارم أو جمال سليمان. لذا، ستبرز خصوصية اللهجة فقط في الأفراح والعادات الاجتماعية التي تتميز بها بورسعيد، وتظهر ضمن أحداث المسلسل الذي يشرف على نصوصه مدقّقون في لهجة أهل بورسعيد. وسط الهجوم على الفنانين السوريين الذين اخترقوا المشهد الدرامي المصري، نسأل شربتجي عمّا إذا تلقت أي ردود سلبية في دمشق على مشاركتها في المسلسل؟ تجيب: «الأصوات المعارضة قليلة عندنا. تلتقي إلى حدّ كبير مع من عارض دخولنا استوديوهات القاهرة. رفض بعضهم السنة الماضية مشاركة جمال سليمان في «أولاد الليل»، لكن غالبيتهم تؤيد التواصل الفني والثقافي بين البلدين، علماً بأنني تلقيت التشجيع من فنانين عدة مثل دريد لحام ووالدي المخرج هشام شربتجي... أضف إلى ذلك أنني دخلت المنافسة بعدما خفت وطأة المعركة، إذ سبق واقتحم كل من حاتم علي وهيثم حقي «قلعة» الدراما في القاهرة».
عدا قضية النقابة، واجهت شربتجي عراقيل عدة خلال فترة التحضير للمسلسل، لعل أبرزها يتعلق باختيار الممثلين. وفي حين اعترفت بأنها تلقت الدعم الكافي من شركة «الجابري» من أجل استكمال فريق العمل، تشير إلى أن التأخر في الانطلاق حال دون انضمام نجوم كثر إلى العمل، إذ اعتذروا بسبب عدم قدرتهم على الانتظار.
أخيراً، ترفض رشا الخوض في تفاصيل أحداث «أولاد الليل» الذين وصفتهم بالضحايا. لكنها تراهن على تقديم جمال سليمان في شكل مختلف في أول تعاون معه، «إذ لم تشأ الظروف أن نلتقي في دمشق». وتشير إلى أن معظم ما نشر عن قصة المسلسل «غير دقيق»، وتقول: «هي قصة تاجر تحف يحاول محاربة الغرباء والأجانب الذين يحاولون إجراء بعض صفقات الفساد. سيكون العمل محاولة للتأكيد على أهمية حفاظ الإنسان على ما يملك، وألا يضع رأسه في الرمال، فيما الدنيا تتغير حوله».
وماذا إذاً عن الإسقاطات السياسية التي يحملها المسلسل والمواجهة الجديدة مع اليهود؟ تقول إن المسلسل اجتماعي في المقام الأول، و«أي خطوط درامية أخرى ستكون ظلالاً للأحداث الرئيسة»، متمنّية أن يثير المسلسل الجدل الذي نتج من مسلسها الأخير «غزلان في غابة الذئاب» الذي انتقد تغييرات المجتمع الدمشقي والامتيازات التي يحظى بها أولاد أصحاب النفوذ. تستعد شربتجي في نهاية العام الحالي لإخراج فيلم سينمائي بعنوان «الصابرات»، لم تعلن عن تفاصيله بعد. وقبل ذلك ستكون مشغولة بتنفيذ مسلسل كوميدي عنوانه «جوليا دومنا» من بطولة سوزان نجم الدين.