دمشق ـــ خليل صويلح
«الاحتلال، الحرب، الإرهاب، الهوية» عناوين أساسية تقترحها «أيام التصوير الضوئي» في دورته السابعة. المعرض الذي يقيمه المركز الثقافي الفرنسي في دمشق ويستضيفه «خان أسعد باشا» يذهب بعيداً في التقاط الصورة المغيّبة. يدخل دهاليز منسيّة لأمكنة محاصرة ومصائر معلّقة بين الحلم وصدمة واقع متغيّر. وإذا بزائر المعرض يجد نفسه فجأة في عين العدسة. سوف يطالع وجهه في مرآة الآخرين ويومياتهم: هويات متجاورة ومتنافرة وطقوس كانت سرّية ذات يوم، أو أنها خارج اهتمامات العدسة، وها هي تعلن نفسها بأقصى حالات البوح والمكاشفة. هكذا تسجّل عدسة عمر بيرقدار (سوريا) احتفالية عاشوراء في جدارية ضخمة ترصد المشهد بتفاصيله وآلامه وقسوته و(جمالياته؟)، في عبور بصري خاطف يؤسس مراحل الندم في تاريخ يجدد نفسه منذ قرون. فيما تسجّل نوارة محفوض طقوس المزارات والمقابر في الساحل السوري مرفقة بنص عن يومياتها المنهوبة وطفولتها المغدورة، جنباً إلى جنب مع تجارب تسع نساء عراقيات خضعن لورشة عمل في التصوير الضوئي بإشراف المصوّر الفرنسي يوجيني دولبرغ تحت عنوان «في الانتظار».
ينطوي مشروع الورشة على مقترح بصري وكتابي لهؤلاء النساء في التعبير عن أنفسهن في ظل الحرب والاحتلال، وصورة بغداد الأخرى المدمّرة التي فقدت ذاكرتها القديمة وذكريات شوارعها وأمكنتها، لتتحول إلى حواجز وعبوات ناسفة. نساء يصوّرن ويكتبن سيرهنّ بعدسة قلقة ومضطربة تجول في الأمكنة الملتهبة، من بغداد إلى البصرة. تسجّل ريا في عدستها رماد شارع المتنبي وخراب شارع أبي نواس وحزن نهر دجلة وتتساءل «هل عاد هولاكو من جديد؟».
من جهته، يتساءل المصور الضوئي الإيراني خسرو حسن زاده في معرضه «إرهابيون» عن معنى الإرهاب، ويلجأ إلى شكل بصري مدهش، حين يمزج الصورة بالكولاج والرسم. يستعيد صوراً قديمة أهملتها الاستوديوهات لمدن وقرى معزولة ووجوه منهوبة ويعالجها من جديد بإضافة لون أو رقم، على خلفية مخطوط قديم وزخرفة تقليدية في جداريات ضخمة وآسرة. وتكمن أهمية أعمال هذا الفنان في سطوتها البصرية وقدرتها على تحويل المشهد العادي بلمسة ما إلى لوحة بأطياف وإحالات مبتكرة. في مشروعه «ضواحٍ»، يلجأ المصور الفرنسي أندريه ميريان إلى تصوير ضواحي دمشق الجديدة، فتبدو الكتل الإسمنتية بصورة معادية وموحشة في عزلتها وغرابتها وحيرتها وسط جغرافيا مهجورة. ويسجّل نديم آدو (سوريا) انطباعاته البصرية في تصوير بورتريهات لوجوه كردية قلقة وحائرة تفتش عن ذاتها في حركة العينين أو في حركة الرأس كما لو أنّها تعيش في الفراغ.
ويلحظ في معرض هذا العام اقتحام أعمال الفيديو والتجهيز لتكون جزءاً أساسياً من المشهدية، فتحضر أعمال مميزة للبناني أكرم زعتري والفرنسية أنطونيا فريتش والأرمني هاروت سيمونيان.