القاهرة ـــ محمد محمود
لم يكن المخرج أحمد المهدي يعرف أنّه سيواجه حملة شرسة يوم قرر تصوير فيديو كليب المغنية أنغام الجديد «ما بلاش نتعوّد على بعض» في مكان لم «يستثمره» المخرجون من قبل: سبيل المياه القريب من مسجد سليمان آغا المصري الأثري. المكان الذي لم تدخله أي كاميرا سابقاً، أشعل المعركة ضدّ فريق عمل الكليب، وفي مقدمته أنغام التي نالت القسط الأكبر من الهجوم. وذلك على رغم ظهورها على شاشة التلفزيون المصري من أجل توضيح حقيقة الخبر الذي ظهر فجأة يوم الثلاثاء الماضي، فأقام الدنيا ولم يقعدها.
بدأت القصة عندما نشرت صحيفة حكومية خبراً يؤكد أن أئمة مسجد سليمان آغا الذي يعود إلى العصر المملوكي، استاؤوا بشدة من هيئة الآثار المصرية التي «سمحت لمطربة بتصوير فيديو كليب داخل المسجد». وكما كان متوقعاً، جاءت ردود الفعل عنيفة، فهاجمت بعض الصحف أنغام، و«تصرفها الغريب». كما أمر وزير الثقافة فاروق حسني بتأليف لجنة تحقيق على الفور، فهو لم يعد يحتمل خوض معارك جديدة مع الجهات الدينية، وخصوصاً أن عاصفة تصريحاته ضد الحجاب لم تهدأ بعد.
لكن لجنة التحقيق أكدت أن المشاهد نفّذت بعلم الهيئة العامة للآثار، وطبقاً للقانون الذي يسمح بتأجير المواقع الأثرية، عملاً بلائحة متفق عليها. ولكن هل تتضمن اللائحة أي قانون يسمح بتأجير المسجد؟
بيان هيئة الآثار صحح المعلومة بسرعة، مؤكداً أن التصوير تمّ في سبيل «مكان قديم لتوفير المياه لعابري السبيل»، كما أن فريق العمل لم يدخل المسجد. من جهتها، لم تلزم أنغام الصمت هذه المرة. وأكدت في اتصال مع برنامج «البيت بيتك»، أن الخبر عار عن الصحة، وأنها ما كانت لتوافق على التصوير في المسجد، فهي مسلمة وتعرف حرمة الأماكن المقدسة، وخصوصاً أن الأغنية ليست دينية ولا حتى وطنية حتى تقدمها من داخل المسجد. كما أشارت إلى أن المكان الذي صوّرت فيه هو «سبيل مهجور» منخفض عن سطح الأرض، وبسبب صعوبة التنفس فيه، لم يكن رواد المسجد يقصدونه.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بعدما دخلت وزارة الأوقاف على الخط، وزادت القضية اشتعالاً. إذ أصدرت بياناً أعربت فيه عن غضبها من تساهل هيئة الآثار في قواعد الحفاظ على قدسية المساجد. وطالبت الوزارة، وهي المعنية بإدارة 90 في المئة من مساجد مصر، بعدم تكرار ذلك، مشددةً على عدم عرض المشاهد التي يظهر المسجد في خلفيتها. لذا، يبدو أن المخرج أحمد المهدي الذي يجري في لندن حالياً عملية المونتاج، سيكون مطالباً بعرض الكليب على وزارة الأوقاف، للتأكد من عدم استخدام المشاهد المحظورة. وإذا تم ذلك، فستسجل سابقة لوزارة الأوقاف، أن تجتمع لجنة لمشاهدة أغنية رومانسية مصورة. إلا إذا وافقت الوزارة على عرضه من دون مشاهدته، أو قررت «روتانا»، الشركة المنتجة للعمل، تقديم الكليب من دون الاكتراث إلى أصوات الغاضبين، مع الحرص طبعاً على عدم التصوير مجدداً في أي منطقة قريبة من دور للعبادة.