عُبادة كسر
الأستاذ «المهضوم» (ح.ح.) مدرّس اللغة العربية والاجتماعيات الذائع الصيت في بعلبك، يعرف الكل أنه يحنّ إلى أيام «الكتاتيب عندما كان الأستاذ يُعلّم التلامذة بأعداد محددة ولساعات محدودة، لقاء أجر عيني يرضيه ويكفيه. لا مسابقات ولا علامات، لا اجتماعات ولا روتين وظيفياً يرهقه». بلغ الأستاذ الستين وقارب سن التقاعد، وقضى في التعليم ما يقارب أربعة عقود. وهو صاحب مزاج خاص وأسلوب مميز في ردات الفعل، حتى إن زملاءه يمازحونه دائماً بقصد ملامسة عصبيته وردات فعله من شتم وقذف وكفر وصراخ. مولع بالصيد، وينعم تلامذته بساعة هادئة وجميلة إذا كانت حصيلة صيده وفيرة.
يدرّس هذا الأستاذ في مدرستين، الأولى رسمية والثانية خاصة، منذ أكثر من عشرين سنة. وقد أثقلته هموم المسابقات وأتعبته حصص التدريس، فدخل ذات يوم إلى صف في المرحلة الثانوية عاقد الحاجبين يحمل المسابقات في يد والعصا في الأخرى، وبدأ بالصراخ وتوبيخ التلامذة وضربهم، و«هزّأهم» لأنهم حصلوا على علامات متدنّية، واستمرت «ثورة» غضبه نحو نصف ساعة، وحين انتهى من الصراخ وضرب التلامذة أعلن أنه سيقوم بتوزيع المسابقات، وفوجئ بأنه «أخطأ في العنوان» وأن المسابقات السيئة لتلامذة المدرسة الأخرى.