الرياض ـــ علاء اليوسفي
ما زالت السينما السعودية في مراحلها التجريبية. وهذا الأمر ينطبق على «القرية المنسية» أول فيلم سعودي من فئة الرعب والإثارة الذي يحمل توقيع المخرج عبد الله أبو طالب وكاتب السيناريو طارق الدخيل، وهو من إنتاج شركة «ميديا آرت». الفيلم قيد الإنجاز، من المتوقع أن يكون جاهزاً للعرض في الأشهر الثلاثة المقبلة ويُعدّ أول فيلم سعودي خالص لناحية الإنتاج والتمثيل والإخراج والجوانب الفنّية الأخرى.
ليست الظروف الاجتماعية ما يعوق تطور السينما في السعودية فحسب، بل نقص الكادرات وقلة الممثلين المحترفين، وغياب التقنيات الحديثة والمعاهد الفنية أيضاً. لكن ما الجديد الذي سيضيفه هذا الفيلم إلى مسيرة الأعمال السعودية الطويلة بعدما استطاعت الأفلام القصيرة أن تخترق الحدود المحلية وتحقق حضوراً في مهرجانات إقليمية ودولية؟ هل سيستفيد «القرية المنسية» من الثغر التي وقع فيها الفيلمان الطويلان «كيف الحال» و «ظلال الصمت»؟
على رغم أنّ طارق الدخيل يرفض اعتبار الفيلمين فاشلين، سيكون «القرية المنسية» «تجربة حقيقية» وهو يضمّ فريق عمل من الشباب السعودي، بمشاركة ممثلة كندية (فيلدا مكنباير) وممثل فرنسي (جاك بلميت) وأميركي (إبراهيم نور)، فيما استند المخرج إلى التجربة الأميركية في مضمار أفلام الرعب والإثارة.
ويشير المخرج عبد الله أبو طالب إلى أنّ تعاون وزارة الثقافة والإعلام السعودية، يؤكد أنّ المرحلة المقبلة في صناعة السينما السعودية ستشهد تطوراً هاماً وإيجابياً على مختلف المستويات.
يقول أبو طالب، الذي يعمل مع فريق عمل مكوّن من 15 فنياً إنّ لغة التعامل في الإخراج والتصوير شكلت دافعاً قوياً لأن يقود فريق العمل. وهو ينتظر تحقيق نجاح كبير على المستوى الفني والإنتاجي، مبيّناً أن الفيلم مرّ بمراحل تصوير مختلفة وأجواء من الرعب الحقيقية، التي سيعيشها المشاهد في أول تجربة سينمائية سعودية لأفلام الإثارة، لافتاً إلى استخدام تقنيات عالية في التصوير أتاحت له الحصول على جودة عالية في الصور والألوان.
يتناول «القرية المنسية» قصّة مجموعة من السياح الأجانب يضلّون طريقهم ويلتقون بمجموعة من السعوديين التائهين في منطقة نائية. تنبع قصّة الفيلم من مناخات سعودية خالصة، وتعالج مسائل من صلب البيئة السعودية كالبدع والخرافات وأعمال الدجل التي يمارسها بعضهم للعيش في الأوهام. يسعى الممثلون بحسب كاتب السيناريو إلى إيصال فكرة أنّ التفرق والتشتت سيؤديان إلى الضياع، بعد أن يدخلوا قرية منسية من التاريخ حيث تقع مجموعة من الأحداث.
القرية التي صُوّر فيها العمل هي بالأساس قرية مهجورة أتى عليها فيضان منذ سنوات، فنزح منها الأهالي، ما يجعلها منطقة مثالية لتصوير أفلام الإثارة. علماً بأنّ طبيعتها تزخر بآثار تاريخية تعود إلى حقبات متعددة، وقد شكلت أساساً لبعض المشاهد. فهناك آبار ترجع إلى 1200 سنة، حين كانت الطريق القديمة بين الشام واليمن تمر في المنطقة. كما صُوّرت بعض المشاهد على طريق زبيدة، وهي درب قديمة من آثار الدولة العباسية تصل بين بغداد ومكة، وأطلق عليها اسم زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، نظراً إلى عنايتها بمحطاته وتوفيرها آبار مياه عند كل محطة.
يعتمد طارق الدخيل في كتابة النص على الحكايات الشعبية والأساطير التي تتناول الجنّ وأعمال السحر. وعمّا يعتبره تميزاً عن أفلام الرعب الأجنبية، يقول «نحن كمجتمع شرقي لدينا حكاياتنا وأساطيرنا الشعبية التي دفعتني إلى الابتعاد عن تقليد مواضيع أفلام الرعب الأميركية، فما يخيف مجتمعاً معيناً لا يخيف بالضرورة مجتمعاً آخر. ونحن لدينا إرث من الحكايات المخيفة التي تتناقلها ذاكرتنا الجماعية والتي عملت لفترة طويلة على جمعها من مناطق سعودية عدة». انطلاقاً من هذه الرؤية، يعطي الدخيل القصص الشعبية عن الجن نهايات محدّدة، وهي في الروايات المحكية تبقى مفتوحة على نهايات مبهمة.
لكنّ الفيلم ما زال يواجه أزمة غياب دور العرض السينمائية في السعودية، فإلى أيّ حد يُعتبر هذا المنع مخيباً للآمال؟ يجيب الدخيل «إذا وجد الفيلم مكانه للعرض في السعودية فهذا جيد، لكن حتى لو لم يحصل ذلك، فذلك لن يعوق المواطن السعودي من مشاهدته».
ويشارك في العمل شباب سعوديون اختيروا من بين 80 متقدماً، كما يشارك ممثل لبناني هو مصطفى بدر في دور المرشد السياحي للمجموعة الأجنبية، وممثل فلسطيني هو محمد هاشم في دور الساحر.