القاهرة ـــ محمد محمود
تيم حسن يمتطي جواد «الملك فاروق»، ويحيى الفخراني يتربّع على عرش «محمد علي»، ويسرا تختال في فسـاتين «الملكة فريدة». بعد أكثر من نصف قرن على سقوطها، تعود الملكية إلى القاهرة من باب الدراما... مجرّد استعراض، أم قراءة نقديّة للتاريخ؟

مع بدء تصوير مسلسل «الملك فاروق»، خرجت إلى الضوء مشاريع عدة، يبحث أصحابها عن جهات انتاجية شجاعة تتيح تقديم شخصيات تاريخية لا يعرف عنها الجيل الجديد سوى أسمائها وبعض المعلومات غير الدقيقة في معظم الأحيان. وعلى رغم أنّ ثورة يوليو أعادت إلى الشعب المصري حقوقاً أضاعها نظام الفساد في العهد الملكي، أسهمت أجهزة الإعلام، بعد الثورة، في تقديم صورة مبالغ فيها ضدّ أسرة محمد علي. وفيما طالب عدد من المؤرخين بإعادة قراءة تاريخ بلاد النيل من الحملة الفرنسية حتى قيام الثورة، استمرّت الأعمال الدرامية في تقديم شخصيات الملوك في الدراما بشكل نمطي، نابع من الصورة التي رسّخها الإعلام سابقاً في الأذهان. كل ذلك قبل أن تعلن المؤلفة لميس جابر، زوجة يحيى الفخراني، عن مشروعين، تقدم فيهما سيرتي محمد علي، مؤسس مصر الحديثة، وحفيده الملك فاروق. وبعد سنوات طويلة من الإعداد، بدأ المخرج حاتم علي تصوير مسلسل «الملك فاروق»، فيما تنتظر جابر انتهاء شركة «غود نيوز» المنتجة لفيلم «محمد علي» من الاستعدادات، حتى تدور الكاميرا مع حاتم علي أيضاً ويحيى الفخراني الذي تنازل عن حلم «الملك فاروق» لتيم حسن بسبب تقدمه في السن، ليبقى متمسكاً بدور الجد.
وعلى رغم أن للملكة فريدة، أولى زوجات فاروق، دوراً رئيساً في المسلسل، لم يمنع ذلك المؤلفة والناقدة ماجدة خير الله من الحديث عن إحياء مشروع فيلم «الملكة فريدة» الذي رشحت يسرا لبطولته، وهي تبحث اليوم عن شركة إنتاج توفّر لها تمويل المشروع الذي انطلقت فكرته قبل عشر سنوات. وقالت خير الله في اتصال مع «الأخبار» إن المناخ بات ملائماً الآن لتقديم الفيلم في ظلّ التصالح الذي تمّ درامياً مع أسرة محمد علي. وأشارت إلى أن هذه الأعمال لا تهدف إلى تحسين سمعة العائلة، بل إلى تقديم نظرة محايدة عن هذه الشخصيات التي أدت دوراً محورياً في تاريخ مصر والمنطقة العربية.
واستبعدت خير الله فكرة اللجوء إلى جهات الإنتـــــــاج الحكومية. وقالت: «قدمتُ الــــــــــــفيلم إلى قطــــــــــاع الإنتاج منذ عشر ســـنوات، لكنّ النقيب مــــــــمدوح الليثي لم ينــــــــتجه. لذا، لا أتوقع أن يتحمّس القطاع العام لتنفيذه».
أمّا الشروط التي تقبل على أساسها التفاوض مع شركات الإنتاج، فهي حماسة الشركة تجاه العمل، وتخصيص ميزانية ضخمة تسمع بتصوير عدد كبير من مشاهده في أوروبا.
ونفت خير الله أن يكون هناك أي تشابه بين أحداث فيلمها وبين مسلسل «الملك فاروق» حيث تؤدي منة فضالي دور الملكة فريدة. وأوضحت: «فريدة في المسلسل تمثّل جزءاً من حياة فاروق. أما أحداث الفيلم فتنطلق من حياتها مع فاروق، ثم تسلط الضوء على حياتها بعد الانفصال، وانتقالها للعيش فى أوروبا واستعراض ما حدث لها هناك. ثم السماح لها بالعودة إلى مصر، ووفاتها بعد صراع مع مرض السرطان».
وإذا كان طلاق الملك فاروق من الملكة فريدة قد أغضب الشعب حينها بسبب حبه للملكة الشابة، لم يتحمّس المصريون يوماً لوالدة فاروق، الملكة نازلي، خصوصاً بعدما تردد عن تعدد علاقاتها العاطفية واعتناقها المذهب الكاثوليكي خارج مصر. ومع ذلك، يتطلع السيناريست صلاح أحمد حسين إلى تقديم مسلسل عن الحياة المضطربة لزوجة الملك فؤاد الثانية. وهو كتب حتى الآن نصف الحلقات تقريباً، في انتظار المنتج الذي يوافق على تمويل مسلسل آخر ينوي كتابته عن الملكة فريدة.
تجدر الإشارة في النهاية إلى أنّ جميع المشاريع المتعلقة بملوك أسرة محمد علي لم تتعرض لأي انتقادات من أفراد الأسرة الذين يعيشون في مصر أو خارجها، بخلاف ما يحصل مع باقي مسلسلات مشاهير الفن والسياسة. وإذا تقبل الجمهور مسلسل «الملك فاروق»، فسيفتح ذلك شهية المنتجين على الغوص أكثر في تاريخ الأسرة المثير للجدل.