الياس مهدي
أعادت الصور التي بثّتها «الجزيرة» أخيراً عن تفجيرات الجزائر، وتسلّمتها من «تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي»، القناة القطرية إلى دائرة الاتهام من العديد من وسائل الإعلام المحلية. وذهبت بعض الصحف إلى حدّ اتهام المحطة بأنها في خدمة الإرهاب (!). واتهام «الجزيرة» بـ «الترويج» للجماعات الإرهابية المسلّحة و«المتطرفين الإسلاميين»، ليس بالأمر الجديد. هذا ما تردده الولايات المتحدة منذ أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001. لكن اللافت في الحالة الجزائرية، هو تضامن الصحف الرسمية والمستقلة هذه المرة لانتقاد ما سمته «غياب الاحترافية» حينما بثّت المحطة صوراً «مفبركة سوّقها تنظيم القاعدة» . هكذا عنونت صحيفة «الجمهورية الجديدة» مقالاً في الصفحة الأولى، قالت فيه: «حينما تروّج «الجزيرة» الجماعة السلفية للدعوة والقتال». وقالت صحيفة «الشروق اليومي» إن «الصور الانتقائية تبرز أن «القاعدة» اختارت بدقة وعن قصد، مشاهد لا تصوّر جثث المدنيين الأبرياء الذين سقطوا في الشارع». ومع عودة قضية الصحراء الغربية إلى واجهة الأحداث الدولية، وانطلاق المفاوضات المرتقبة بين المغرب وجبهة البوليساريو، وقعت القناة القطرية مرة أخرى فريسة اتهامات بعض الصحف الجزائرية، بانحيازها إلى المغرب. ويرى المنتقدون أن «الجزيرة» تعمل على تقديم الطروحات المغربية على حساب الصحراويين وحقّهم في تقرير مصيرهم، خصوصاً أن المحطة افتتحت أخيراً مكتباً لها في الرباط. ويشير هؤلاء إلى أن القناة تابعت باهتمام جولات المسؤولين المغاربة في العالم للحديث عن مبادرتهم، فيما «فُرض تجاهل مطبق» على نشاط جبهة البوليساريو، وأنشطته الإعلامية والسياسية، سوى في ما ندر. وانتقدوا عدم الغوص في تحليل تداعيات قرار السفير الأميركي في الرباط إغلاق القنصلية الأميركية في الدار البيضاء عقب تفجير انتحاري مغربي لنفسه أمام مقر القنصلية. هذا إضافة إلى عدم تسليط الضوء بالشكل الكافي على تصريحات هذا الأخير التي انتقد فيها مقترح الحكم الذاتي المغربي.
في المقابل، لا تزال القناة القطرية، الأكثر مشاهدة في العالم العربي، تعتصم بالصمت. ويعزو بعض المسؤولين فيها نقلهم للأشرطة التي تتسلمها من الجماعات الإرهابية إلى فهم تفكير الجماعات المتطرفة، وليس بهدف دعمها أو الترويج لها. وكانت «الجزيرة» قد مُنعت مراراً من البث في دول المغرب العربي. وفي الجزائر، مُنعت نهائياً على خلفية بثّها برنامجاً عام 2004 عن الأزمة الجزائرية، واختارت لإشارة النهاية صورة للعلم الجزائري ممزّقاً للدلالة على أنّ البلد ممزق.