جمهور «مسرح المدينة» في بيروت مستعد لكل أنواع المفاجآت... لكن الأجواء التي طغت، أول من أمس، على معبد الفن والثقافة في شارع الحمراء، الذي تشرف عليه «الكاهنة الكبرى» نضال الأشقر، كانت على درجة غير مألوفة من الخصوصيّة! موسيقى «كرمس»، وأجواء عيد، وحركة في بهو المسرح الخارجي. بالونات بلون الزهر، وأعمال فنية معلقة على الجدران... شابات وشبان «حلوين» يختالون تحت راية بألوان قوس قزح (شعار المثليين والمثليات). إنه اليوم العالمي ضد «رهاب المثليّة»، الترجمة العربية لـ«أوموفوبيا»، أي التمييز «العنصري» ضد مثليي الجنس. لعل لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي خرج فيه المثليّون إلى العلن ـــ علماً بأنم ما زالوا في النصوص كما في النفوس، خارج الشرعيّة! ـــ في هذه المناسبة التي يحتفل بها ما لا يقل عن أربعين بلداً حول العالم. المبادرة تقام في بيروت للعام الثاني، بمبادرة من جمعيّة «حلم» التي لفتت الأنظار بنشاطها الميداني أيام العدوان الإسرائيلي على لبنان، وبدعم من «مؤسسة هينرش بُل» الألمانيّة. الأفلام التي عرضت جاءت على شكل شهادات ورسائل، من شبان وشابات لبنانيين يعانون حصاراً اجتماعياً، عائلياً، أخلاقياً إلخ، يحول دون أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي. كما سلّط أحد الأعمال الضوء على أفراد متصالحين مع مثليتهم، مثل بسّام كسّاب الذي اصطحب أمّه إلى نيويورك وباح لها بطبيعته، فمشت معه في تظاهرة الـ Gay Pride (الاعتزاز بالمثليّة) الشهيرة.
في قاعة نهى الراضي التابعة للمسرح، توزعت طاولات لـ«المنظمات والجمعيات الصديقة والمتضامنة»: «منظمة العفو الدولية» (www.amnesty.org/arabic)، وجمعيّة «مراقبة حقوق الإنسان» (www.hrw.org)، وجمعيّة «كفى» الناشطة في مناهضة «العنف ضد المرأة والتحرّش بالأطفال والاتجار بالنساء والأطفال» (www.kafa.org.lb). نشرت جمعيّة «كفى» في أرجاء المكان مجسّمات نسائيّة بالأحمر، كل واحد يحمل اسم امرأة قتلت في جريمة شرف، مع قصتها وعمرها وتاريخ اغتيالها. وبين دور النشر المشاركة «لا سيديتيك» التي نشرت العام الماضي كتاب «رهاب المثليّة»، و«دار الساقي» التي أصدرت حديثاً النسخة العربيّة من كتاب الصحافي البريطاني براين ويتاكر Unspeakable Love، «الحب الممنوع ـــ حياة المثليين والمثليات في الشرق الأوسط».
وحضرت أيضاً منظمات تعنى بالوقاية الصحيّة، ومكافحة الإيدز (أو السيدا)، مثل «الخط الساخن»، وتضم جمعيات أهلية عدّة، برعاية وزارة الصحّة. وزّعت «حلم» (01,745092)، و«جمعية العناية الصحية» (01,482428)، مظروفاً أبيض كتبت عليه نصائح وإرشادات وضم «واقياً ذكرياً» (الشكل الأوحد والأنجع في مكافحة الإيدز)، ومنشوراً على شكل أكورديون بالأزرق، يعلن: «الجنس أفضل إذا كنتم ثلاثة ـــ أنت والشريك والواقي»!
وطرحت قضايا تتعلق بحياة المثليين وحقوقهم، في ندوتين: «ثقافة التمييز» شارك فيها الزميل بيار أبي صعب ود. مارسي نيومان، الأستاذة في الجامعة الأميركيّة. و«مناهضة التمييز في مسار التنمية»، شارك فيها: أحمد كرعود (منظمة العفو الدولية)، نادية بدران (منظمة العناية الصحيّة)، ود. فيصل القاق الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت.