قبل أسابيع قليلة فوجئ جمهور بعض الصالات السينمائيّة في باريس، بفيلم دعائي يُبثّ ضمن الإعلانات التي تسبق العرض، ذلك أنّ الشريط الذي يبلغ طوله دقيقة، كان إعلاناً من نوع خاص، لا يشبه أفلام الترويج التجاريّة، بل بدا أقرب إلى كليب «سياسي»، من النوع الذي لم يألفه المشاهد الفرنسي. إنّه إيلي فايزل. تعرفه من نظرته الماضية كنصل، من بسمته القسريّة، وأسلوبه المعهود في الابتزاز: «إن اليهودي الذي في داخلي، يتوجّه إليكم ليقول... علينا أن نكون صارمين مع إيران!». عجباً، الكاتب الفرنسي، الروماني الأصل، الأميركي الجنسيّة، حائز «جائزة نوبل للسلام» (١٩٨٦)، يصوّر فيلماً دعائياً من تمويل وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، يُبثّ في الصالات الفرنسيّة، للعودة إلى ضربة عسكريّة لإيران؟
هذا هو إيلي فايزل الحقيقي الذي لا ينفك يعلن إيمانه «بعالم أفضل، على رغم عودة الأصولية والتعصّب والتطرّف»، كما فعل في الأردن الصيف الماضي، ذلك أنّ صاحب نوبل للسلام يفهم السلام، انتصاراً غير مشروط لإسرائيل. هذه هي رسالته الدائمة، يحملها أينما حلّ، يعـــــــيدها بــــــأشكال مختلفة. لذا عودته إلى البتراء الآن (الأمس واليوم)، حيث يستقبل مع العاهل الأردني «أربعين فائزاً بنوبل في شتّى المجالات»، للتداول في احتمالات «بناء عالم أفضل» (راجع ص 19)، لا يمكن سوى أن تكون إشارة قويّة في اتجاه «السـلام» في المنطــــــــقة! وخصوصاً أن على قائمة ضيوفه في البــــتراء، أحد أنصار السلام الــــــبــــارزين: أولمرت سفّاح تـموز ٢٠٠٦ المهزوم.
فايزل أفلت من جحيم المحرقة النازية، وساعده فرنسوا مورياك على نشر «الليل» (١٩٦٣)، شهادته عن أهوال تلك المحرقة. ومن ذلك الحين، وهو يستغل موقعه للترويج للمشروع الصهيوني. وفي البتراء، سيلتقي الكاتب، الذي يدير مؤسسة باسمه «للأعمال الإنسانيّة»، مجموعة من الشبان العرب، لبحث آفاق «تعزيز التوعية والفرص التعليميّة للأجيال الشابة في الشرق الأوسط». يقصد الشرق الأوسط «الجديد» طبعاً!