باسم الحكيم
بين مسرحية «فيلم أميركي طويل» ومسلسل «مالح يا بحر»، مشوار قطعته كارمن لبّس بحثاً عن أدوار البطولة التلفزيونية... بعد تقديم البرامج، والمشاركة في أعمال عربية وأجنبية، ها هي اليوم تدرس الإخراج، وتشرع في تنفيذ مشروعها الوثائقي عن «النساء والجرائم»

لم تقدَّم النجوميّة لكارمن لبّس على طبق من فضة. انتظرت نحو عشر سنوات منذ دخولها عالم التلفزيون ـــ سبق ذلك تجارب عدة على خشبة مسرح زياد الرحباني ـــ حتى حقّقت البطولة المطلقة في عدد من المسلسلات. كانت مؤمنة دائماً بأنه «لا الجامعات ولا الشهادات ولا حتى الدكتوراة قادرة على أن تصنع نجماً، إذا غابت عنه الموهبة والحضور... على الممثل أن يعيش تنوّعاً في الحالات، وأن يتمكّن من الجمع في ملامحه بين القسوة والرقّة». وعلى رغم أنها تدرك جيّداً شروط النجوميّة، وصلها الدور الأوّل متأخراً، ربّما لأنها احترفت التلفزيون قبل سنوات قليلة (في عام 1996) من خلال إحدى حلقات «نساء عاشقات» لمحمد سويد. أما هي فتعزو ذلك إلى «أنني كنت أشقّ طريقي بنفسي من دون مساعدة أحد». لكن مقدمة برنامج «حكايا الناس» على «المستقبل»، أثبتت أنها ممثلة بالفطرة، حتى قبل أن تحقق نجوميّة التلفزيون مع مسلسل «ابنة المعلّم». وهي تراهن اليوم على حلقات «زهرة الخريف» التي يبدأ عرضها مساء الأحد المقبل على «أل بي سي»، وعلى مسلسل «مالح يا بحر» الذي تصوّره حالياً في شمال لبنان مع الكاتب مروان العبد والمخرجة ليليان البستاني.
وتجسّد لبّس في المسلسل دور الابنة الكبرى لرجل توفيت زوجته، فصارت أماً بديلة لإخوتها. لكنها ترفض وصف الشخصيّة بالمثاليّة: «من قال إن مشاعر الأمومة ليست أنانيّة؟ زينة (اسم الشخصيّة) ضحّت كثيراً من أجل إخوتها، ونسيت نفسها وحياتها. لكنها، في المقابل، أرادت أن ينسى إخوتها أحلامهم وطموحاتهم وأن يظلّوا إلى جانبها». ثم تغوص في شرح ملامح الشخصيّة: «هي «أخت رجال» تلقائيّة وعفويّة. لا تسكت عن حقّها، وتدخل في مواجهة مع عمّها «خطّار»، للمطالبة بحقوق العائلة التي سلبهم إياها، مستغلاًّ نفوذه لدى سلطات الانتداب الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي». أما «زهرة الخريف»، وهو من سلسلة حكايات للكاتب شكري أنيس فاخوري والمخرجة رندلى قديح، فيرصد قصة حب بين امرأة اربعينية وشاب عشريني (باسم مغنية). وتتخوف بطلة «معارك حب» لدانيال عربيد من التجربة، لأن الجمهور «لم يعتد مثل هذه الحكايات. لكنها تبرّر حبها لهذا الشاب، بأنها كانت تفتقر إلى عاطفة لم تعشها في طفولتها ومراهقتها».
تدافع كارمن لبّس بشراسة عن الممثل اللبناني، المتّهم بالأداء الميكانيكي. وتقول: «لدينا ممثلون طبيعيون وعفويون».، بينهم مثلاً بديع أبو شقرا ويوسف حدّاد وطوني عيسى وكارلوس عازار ونغم أبو شديد. هناك أيضاً نادين الراسي صاحبة الأداء العفوي، والحضور الآسر». وفيما ترى أن «الممثلين السوريين يؤدّون بطبيعيّة لكثرة الأعمال الدراميّة عندهم»، تعتبر «أداء المصريين متكلّفاً»، وأن «عدد قليلاً منهم يمثّل بعفوية».
وهي لم تعد اليوم تهتمّ بالأدوار العادية في الدراما المحليّة والعربيّة، لا سيّما بعدما وضعت بصمتها في أفلام باللغتين الإنكليزيّة والفرنسيّة، آخرها «whatever Lola Wants» (أياً ما تريده لولا) للمخرج المغربي نبيل عيّوش، وشاركت في بطولته سهام ناصر، هند صبري، ومريم فخر الدين. تؤدي لبّس في الفيلم دور فنانة معتزلة، وتعرب عن سعادتها بـ «اختياري لوضع صوتي على النسخة الفرنسية، لأكون بذلك الممثلة الوحيدة التي تؤدي في الفيلم الدور باللغتين».
في المقابل، اعتذرت عن المشاركة في المسلسل الخليجي «دنيا الهروب»، «لأن الدور لم يستفزّني. وأي ممثلة أخرى قادرة على تقديم دور الأم العادية». لكنها قبل فترة وجيزة، وافقت على تجسيد أدوار هامشية في أعمال عربيّة؟ تدافع بالقول: «اضطررت إلى تقديم بعض التنازلات، لأنني كنت أمرّ بظروف صعبة. أضف إلى ذلك أن الممثل قد يوافق على أداء دور هامشي، لا بهدف المادة فحسب، بل لكسب خبرة إضافية من خلال بعض التفاصيل». وتضيف: «بعد السينما الأجنبية، أجد مشاركتي في الدراما المحليّة، مع ضعف ميزانياتها، متعبة... تشبه من يعمل في عام 2007، بمعدات تعود إلى عام 1930».
أخيراً، تبدأ لبّس في الصيف تنفيذ برنامجها الوثائقي ـــ الدرامي «نساء وجرائم». وتوضح بحماسة: «انطلقت فكرته قبل عشر سنوات، وتفاوضتُ مع أكثر من محطة. لكن المشروع تأجّل بسبب ارتفاع تكلفة تنفيذها. ثم فوجئت بتقديمها في «قصتي قصّة» لإيلي أضباشي، وقيل إن فكرته لدارينا الجندي... اعتبرت المسألة مجرد توارد في الأفكار». وتشير لبّس إلى أن «العمل يرصد الأسباب التي تدفع بالمرأة، هذا الكائن المسالم ورمز الحنان والتضحية والأنوثة، لارتكاب الجريمة»، كاشفةً عن «نموذج لأم قتلت ابنتها ووضعتها في الخزانة، لأنها لا تريد لها أن تعيش مثلها حياة بائسة». وفيما تتساءل عمّا إذا كان مكان هذه المرأة هو المصح النفسي أم السجن، تقول إن «المرأة العربيّة تعيش كبتاً وضغطاً نفسيّاً، قد يوصلها إلى الانتحار أو ارتكاب جريمة قتل». ويعطي البرنامج مساحة للمشاهدين لتسجيل آرائهم حول ما إذا كانت الأحكام عادلة بحق هؤلاء النساء. ولا تحدد لبّس عدداً معيّناً للحلقات بسبب توزيع أماكن التصوير بين عدد من الدول العربيّة منها السودان ومصر ولبنان، كاشفة عن مفاوضات تجرى بشأنه حاليّاً مع قناتين تلفزيونيتين، لم تكشف عنهما. وإذ ترشح ممثلات عربيّات لتجسيد الشخصيات الدراميّة، تؤجل تسمية المخرج الذي قد يكون هي في نهاية المطاف، «بعدما بدأتُ دراسة الإخراج». لبّس التي استهلّت مشوارها الفني على خشبة المسرح («فيلم أميركي طويل» لزياد الرحباني)، ترى نفسها اليوم بعيدة عنه، بعد آخر مشاركاتها في المسرحية اللبنانية «تشي غيفارا» والفرنسيّة «لو بارافان».