القاهرة ـــ الأخبار
التحفّز كان أمراً واقعاً متربّصاً بقناة OTV المصرية، ربما من قبل إنشائها، منذ إعلان التلفزيون الناشىء عن نفسه بموازنة مبدئية قدرها 17 مليون جنيه (حوالى 3.5 ملايين دولار)... ليست «أو تي في» كغيرها من الفضائيات المحلية الخاصة، فصاحبها نجيب ساويرس هو المصري الوحيد الذي تضمّنته وعائلته، قائمة أثرياء العالم التي أصدرتها مجلة «فوربس»، بثروة إجمالية قدرها 20 مليار دولار. وهو المصري الوحيد الذي يمتلك عدداً ضخماً من الاستثمارات «الحقيقية» خارج البلاد. أضف إلى ذلك أنّه المصري الوحيد الذي دخل بثقله المالي في العراق، لينشىء شبكة اتصالات هناك، في وقت لا تزال فيه الحكومة المصرية تراوح مكانها في بغداد منذ مقتل سفيرها قبل عامين.
الفضائية التي بدأت بثّها قبل أشهر، لم تحقّق حتى الآن نسبة المشاهدة التي طمحت إليها، على رغم دعاياتها التي تملأ شوارع القاهرة، واللافتات التي ترفع شعار الدائرة البرتقالية. حدّدت المحطة لنفسها جمهوراً مستهدفاً من الشباب، واعتمدت اللهجة العامية وسيلةً لمخاطبة الجمهور. انتقد بعضهم ملابس مقدّمي البرامج، الفتيات خصوصاً، على أساس أنّها لا تناسب التقاليد المصرية المحافظة! فيما انتقدها آخرون لدواع طبقية... من هم هؤلاء الشباب الذين يتحدثون بتلقائية عن أسلوب حياة لا يعرفها السواد الأعظم من المصريين؟ لا يحاول مقدّمو برامج «أو تي في» أن يتجمّلوا بادعاء بعض الفقر، فخلفياتهم الأجنبية، تعليماً وثقافةً، تتباهى بلكنات عامية شبه «مكسّرة». وتتضح من الرياضة التي كانت إحدى المذيعات تعشقها في طفولتها وتلعبها دائماً في «حديقة» المنزل. ما هي تلك الرياضة؟ كرة الريشة طبعاً!
ولكن الملحوظات السابقة لا تقارن بالمعركة التي تخوضها القناة الآن. في البداية، أعلنت «أو تي في» أنها ستعرض الأفلام الأجنبية كاملةً من دون حذف أي مشهد. لكنها لم تلتزم بوعودها في فترة البثّ التجريبي، فحذفت مقطعاً صغيراً من فيلم Fifth Element، كانت البطلة فيه تبدّل ملابسها. واجهت وقتها انتقادات عابرة لعدم التزامها عدم الحذف. ثم قررت القناة أن تلتزم، فقامت عليها قيامة الصحافة والرأي العام.
هكذا عرضت القناة فيلم American Pie، أحد أشهر ما يعرف باسم أفلام المراهقين الأميركية، لم تحذف منه أي مشهد من مشاهد الجنس العديدة. انقلبت الدنيا، لم يقتصر الأمر على انتقادات الصحافة، بل تشكلت حملة لمقاطعة القناة، ومقاطعة شركة الاتصالات العملاقة التي يملكها صاحبها، ما دفع بعضهم إلى إنكار البراءة عن تلك الحملة التي تزامنت مع تأسيس شركة محمول عملاقة ثالثة، ستكسر احتكار السوق المصرية من قبل الشركتين اللتين يمتلك ساويرس إحداهما. في جميع الأحوال، أعلنت القناة أنها ربما أخطأت في إعادة عرض الفيلم في وقت الظهيرة من دون تنبيه، وأنها في المرات المقبلة ستعلن بعض الإرشادات وتلتزم عرض الأفلام المشابهة في وقت متأخر. هل ستكون هناك مرات مقبلة؟ لا يزال الجمهور ينتظر.