strong>أمل الأندري
إذا كانت لجنة تحكيم «جائزة ألبير لوندر» اختارت منطقة المتحف مكاناً «حيادياً» لتوزيع جائزتها المرموقة المخصّصة للصحافة الفرنكفونية، فإنّها لم تنجح تماماً في تجنّب الرمال اللبنانية المتحرّكة! خلال تحدّثها عن سبب اختيار بيروت هذه السنة، قالت رئيسة لجنة التحكيم جوزيت آليا إنّهم ببساطة يحبّون «هذه المدينة التي تعشق الحياة ورغد العيش... ولم تكن الصراعات والحروب الأهلية على أرضها سوى مرآة تعكس الصراعات التي كانت عند الدول المجاورة والمجاورة جداً»! واستعادت آليا الصحافيين الذين اغتيلوا في بيروت، خصوصاً سليم اللوزي الذي قطعت يده اليمنى التي يكتب بها وإدوار صعب، وصولاً إلى جبران تويني وسمير قصير... ومي شدياق التي «تواصل نضالها من أجل حرية التعبير».
وعلى رغم أنّ الحضور كان كثيفاً أمس في متحف بيروت الذي أمّته وجوه السياسة والإعلام اللبنانية والفرنسية مثل السفير الفرنسي برنار إيمييه ووزير الثقافة طارق متري والنائب ألبير مخيبر والزميلان غسان تويني وجيزيل خوري، الا أنّ الحضور الطاغي كان لبيروت. هكذا، حضرت بجراحها وشهدائها الصحافيين في كلمات المتحدّثين خلال الاحتفالية. بعد عرض فيلم أعادنا إلى الماضي، إلى بيروت التي نفضت عنها للتوّ الحكم العثماني، حيث رأينا لأول مرة الصحافي الفرنسي المعروف ألبير لوندر، رائد الصحافة الاستقصائية الفرنسية، وهو في ميناء بيروت العام 1919 إلى جانب الجنرال غورو، تحدّث وزير الثقافة طارق متري عن رمزيّة المكان الذي اختارته لجنة التحكيم. المتحف، خطّ التماس سابقاً، يتحوّل اليوم «إلى مكان لولادة جديدة» حسب متري.
أما السفير الفرنسي برنار إيمييه، فأشاد ببيروت التي خرجت لتوّها من «قصف الصيف الكثيف وجراحها التي تلتئم بسرعة من جديد». وقال إنه «بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، كُتب عام 2005 وربيع بيروت بدم رجال الصحافة مثل جبران تويني وسمير قصير اللذين أسهما في رسم حلم الحرية والديموقراطية للبنان» كما حيّا مي شدياق التي حرص الرئيس الفرنسي جاك شيراك أن يقلّدها أخيراً وسام جوقة الشرف من رتبة فارس خلال جلسته الأخيرة لتوزيع الأوسمة في قصر الاليزيه.
وكانت لجنة التحكيم التي تتألف من 22 كاتباً وصحافياً بينهم الفائزون بالجائزة لعام 2006 قد اجتمعت أول من أمس واختارت الفائز بالدورة 69 من جائزة «ألبير لوندر» للصحافة المكتوبة، فنالها الصحافي لوك برونير من صحيفة «لوموند» الفرنسية على سلسلة مقالاته التي نشرها عن «وضع الشباب في الضواحي الفرنسية» بين حزيران (يونيو) 2006 و5 شباط (فبراير) 2007. وعن سلسلة مقالاته، قال برونير، إنّه عالج «موضوع الشباب في الضواحي وتحدّثتُ عن الظروف الانسانية التي يعيشون فيها والتعليم، ولم أتحدّث عن السياسات التي تتبعها الدولة تجاه هذه المشكلة». فيما فاز في الدورة الـ 23 عن فئة التحقيق المصوّر أو الوثائقي كل من آن بواريه وغوينلاون لو غويل وفابريس لوني عن ريبورتاجهم «موتور، جريمة ضدّ المؤسّسات الانسانية الخيرية». وتناول الريبورتاج المأساة التي حصلت في موتور شرق سريلنكا العالم الماضي. إذ لقي 15 موظفاً سريلانكياً يعملون في منظمة «العمل لمكافحة الجوع» الفرنسية غير الحكومية مصرعهم.
وبعد الاحتفالية، استقبلت السفارة الفرنسية في لبنان الفائزين بـ «جائزة ألبير لوندر»، فيما توجّه أعضاء لجنة التحكيم والاعلامية جيزيل خوري، إلى مدرسة الـ «غران ليسيه» الفرنسية اللبنانية لافتتاح قاعة «سمير قصير».