خيبة أمل ارتسمت على الوجوه لدى مشاهدة فيلم «رجل ضائع» للسينمائيّة اللبنانيّة الشابة دانييل عربيد. يتناول الفيلم (تقول المخرجة إنّ القصة مستمدّة من أحداث حقيقية) حكاية مصوّر فرنسي يُدعى توماس يهوى تصوير مغامراته الجنسية. هكذا، تتوالى المشاهد المثيرة في الفيلم، حتى يصيبك الضجر، من دون أن تؤدي وظيفة واضحة في السياق الدرامي.تبدأ الأحداث في بيروت عام 1985، حيث ما يزال شبح الحرب مخيماً... يظهر لنا رجل اسمه فؤاد (ألكسندر صدّيق)، راكضاً في الشوارع بعدما قتل زوجته. وها نحن نراه بعد سنوات عدّة في شمال سوريا، شخصاً عدائياً يبصق على الفلاح، ويأمره بالعمل، ثم يتوجّه بسيارته إلى الحدود الأردنية. في الطريق، يتحرّش بامرأة. وهنا، يلتقط توماس صورةً لهما وهما يتلامسان خلف غرفة شرطة الحدود، ثم يعرض توماس على فؤاد أن يرافقه الى عمّان (من دون تبرير مقنع).
في عمان، يبدأ توماس بتصوير النساء وهن يمارسن الحب معه، كما لو كانت هناك سوق مفتوحة لذلك. وبعد سلسلة من الأحداث التي لا تبدو ذات مغزى في الفيلم، ينفصل الرجلان. لكنّ الفرنسي سرعان ما يعود إلى لبنان للبحث عن فؤاد، ويكتشف أن زوجته لا تزال حيّة.
وأخيراً يظهر فؤاد ورقبته مكسورة، وجسده مربوط بالسرير، لكنّه يحاول لمس زوجته حين يراها! هكذا ينتهي الفيلم: تماماً كما بدأ، أي بطريقة غير مقنعة وغير مبرّرة.
المشكلة الأساسية تكمن في السيناريو، إذ فشلت عربيد في رسم الخطّ الفاصل بين المشهد العاطفي واللحم العاري. نفهم أن تكون وظيفة المشاهد الجنسية هي التعبير عن غياب المشاعر والعاطفة، فالمسألة تتعلّق فقط بإشباع رغبات... لكن هل هذا يعني الغرق في تكرارية المشاهد، كما لو أنّ الفيلم كلّه صُنع لأجلها؟ ولماذا لا توجد امرأة واحدة فقط تختلف عن النماذج السلبية التي يقوم عليها الفيلم؟ ولماذا لا تحب المخرجة شخصياتها الا حين تكون سلبية، كما كانت الحال أيضاً في فيلمها الأول «معارك حب»؟ على رغم كل عيوبه، كان «معارك حبّ» ــــــ في المناسبة ــــــ بداية جيّدة وواعدة لعربيد، مقارنةً بـ «رجل ضائع» الذي ينذر بضياع مشروعها السينمائي...
محمد...