كان ـــ محمد رضا
فيما التجاذبات السياسية تعصف بأمن «البلد الصغير الباحث عن خلاصه منذ عقود»، يشهد لبنان حفاوة خاصة في الدورة الستين من مهرجان «كان». فيلم «سكّر بنات» الذي عُرض ضمن تظاهرة «أسبوعي المخرجين» ويتنافس على جائزة «الكاميرا الذهبية»، صفّق له الجمهور طويلاً. وقد لفتت نادين لبكي الأنظار في باكورتها الروائية، بأحاسيسها وكتابة وأسلوبها.
يدور الفيلم حول أربع نساء من أجيال وخلفيات اجتماعية مختلفة، يعملن في صالون للتجميل: ليال الشابة تربطها علاقة حبّ برجل متزوج. وصديقتها نسرين تستعدّ للزواج بشاب مسلم يجهل أنها ليست عذراء. وريما تشعر بالارتباك حيال انجذابها لإحدى الزبونات. وجمال، الخائفة من فكرة الشيخوخة، ترفض الاعتراف ببلوغها سنّ اليأس. كل امرأة تختلف عن زميلتها وتلتقي معهن في آن معاً.
لقد ذهبت نادين لبكي (33 عاماً) التي كتبت السيناريو مع سهيل حجيلي ورودني الحدّاد، الى عكس ما نتوقّعه في أفلام مماثلة: هي لم تختلق خلافاً مستعصياً، تمهّد للصلح بين شخصيات الفيلم في ما بعد. بل نقلت النزاعات الى منحى آخر، اقتصر على ما تواجهه كل شخصية في محيطها البيئي والاجتماعي والعاطفي. وبذلك تكون لبكي قد أفلتت من مطب التقليدية، وأمّت درباً أكثر دراية وأكثر صعوبة في التنفيذ ونجحت في ذلك.
إلى جانب شخصياتها الرئيسيّة الأربع، أضافت لبكي شخصيات عدّة بعضها مساند وبعضها رئيسي. لكنّ الجميع يعمل في إطار واحد. الفيلم يُثير الألفة، ويوزّع الحبّ والضحكة والنكتة الخفيفة، من اللحظة الأولى حتى المشهد الأخير. وعموماً، يمكن أن نصف يوم أمس على الكروازيت الشهيرة في مهرجان «كان»، بأنه كان لبنانياً بامتياز. فقد تم الاحتفاء بأعمال من السينما اللبنانية ضمن إطار برنامج «كل سينمات العالم» الذي يخصّص كل يوم من أيام المهرجان لبلد يقدم فيه بانوراما عن انتاجاته السينمائية الحديثة.
أربعة أفلام لبنانية طويلة وأربعة قصيرة عُرضت في التظاهرة: «أطلال» غسان سلهب، «يوم آخر» لجوانا حجي توما وخليل جريج، «فلافل» ميشال كمون، و«لما حكيت مريم» لأسد فولادكار. أما الأفلام القصيرة فهي «أم علي pret-a-porter» لديما الحر، «بيروت after Shave» لهاني طمبا، «011010010» لشادي روكز، و«في اليوم الاول» لقصي حمزة. ودعي الجمهور إلى جلسة نقاش حول السينما اللبنانية وقضاياها. ولا يقتصر الوجود اللبناني في «كان» على السينما المحليّة! إذ إنّ منتجة أحد أفضل أفلام المهرجان (الفيلم التسجيلي اللافت «محامي الرعب») تُدعى ريتا داغر... كما أنّ مخرجتي الفيلم التسجيلي الأميركي الغاضب بحقّ «الساعة الحادية عشرة» ليلى ونادية كونرز هما من أمّ لبنانية. وهناك مسألة أخرى تلفت النظر، فكلّ هذه الأفلام هي من إخراج نسائي....
خلاصة القول إنّ السينمائية اللبنانية (من جوسلين صعب الى رندة الشهال) برهنت على أنّها «أخت الرجال» حسب التعبير الذكوري الرائج، أو أن الرجال إخوتها إذا فضلنا. وهذه ميزة بالغة الأهمية في تقويم السينما اللبنانية بأثرها.




Persepolis تحوّل أخيراً إلى فيلم رسوم متحركة يتنافس على السعفة الذهبية في «كان». وقد أثار ضجّة أمس بعد عرضه في المهرجان، بسبب نظرته النقدية إلى الثورة الإسلامية. واتهمت مؤسسة «الفارابي» التابعة لوزارة الثقافة الايرانيّة، ادارة المهرجان بالتواطؤ «مع السياسات المنحازة للقوى المهيمنة». «بيرسيبوليس» أخرجه فنسان بارونو بالاشتراك مع مرجان ساترابي صاحبة القصّة المصوّرة الشهيرة التي اقتبس عنها الفيلم (راجع «الأخبار»، 10 ت1/ أكتوبر 2006)، وفيها تروي طفولتها في طهران، على خلفية اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979... قبل أن يرسلها والداها الى النمسا خوفاً عليها من أجهزة النظام الجديد.