بشير صفير
من سوريا أيضاً، وبالتزامن مع صدور أسطوانة لينا شماميان «شامات»، أبصرت النور أخيراً باكورة أعمال فرقة «إطار شمع» التي تضمّ المغنية الشابة رشا رزق وزوجها المؤلف الموسيقي وعازف الغيتار إبراهيم سليماني.
تعتمد فرقة «إطار شمع» التي تأسّست عام 2000، أسلوبَ المزج بين الروك والجاز والصول والإيقاع اللاتيني... وقليلاً من الحضور الشرقي، لكنّها لا تقدّم نفَساً جديداً. إذ إنّ احتمالات المزج بين ثقافات موسيقية مختلفة ــــ آلاتٍ وإيقاعاتٍ وخصائص أخرى ـــ استُنفدت جميعها بعد سنوات من التجارب، بعضها أتى من الغرب، وبعضها الآخر نشأ في العالم العربي. خطوة أولى نحو التوثيق، تقوم بها فرقة «إطار شمع» من خلال إطلاق أسطوانة خاصة حملت عنوان «بيتنا»، وضمّت سبع أغنيات، ست منها بالعامية السورية وواحدة بالفرنسية، كتبت كلماتها رشا رزق وتعاونت مع زوجها في التأليف والتوزيع الموسيقي. وفي ختام الأسطوانة، تطالعنا مقطوعةٌ موسيقية بعنوان «بيتنا»، يحضر فيها صوت رزق من خلال تأوّهات من دون كلام، ترتجل الدندنات في بعض الأحيان وترافق الآلات في «عزف» الجملة الموسيقية بتقنية الـscatting. ويمكن وصف هذه التقنية بأنّها لعبة استخدام الصوت البشري كأي آلة موسيقية. وفي مقطوعة «بيتنا» أيضاً، تظهر فجأة التفاتة إلى الموسيقى الشرقية، من خلال انتقال دندنات المغنية ذات التلوين الغربي إلى سلطنات شرقية لا تلبث أن تعود من حيث أتت: صوب النغمة الغربية.
أما الأغنيات الأخرى، فلا تحمل أي جديد، لا على صعيد اللحن ولا التوزيع الموسيقي. وتنقذ الموقف انفرادات العازفين أو مرافقتهم المتخفيّة وبعض الفواصل. فإضافةً إلى رزق وسليماني، شاركت في الألبوم مجموعة من الموسيقيين الأساسيين (ولو ظرفياً) ضمّت عازف البيانو والكيبوردز أرتور ساتيان، صاحب الخبرة الكبيرة في مجال الجاز عزفاً وتأليفاً، وعازف الدرامز والإيقاعات فؤاد عفرا، وهو الآخر متمكّن من جميع الأنماط الغربية تقريباً، إضافة إلى عمر حرب (باص كهربائي)، من دون أن ننسى الإشارة إلى مشاركات عابرة لسبعة موسيقيين أهمّها فلوت وفاء سَفَر.
و«عشوائية» الألحان التي وضعها الثنائي رزق ــــ سليماني، تنسحب أيضاً على الكلمات التي تحمل توقيع رزق منفردة. لقد جاءت القوافي بديهيةً (بعيد/ عيد، أنوار/ أسفار، أحلام/ أيام، نهار/ أزهار/ أشعار...) في معظم الأحيان، فيما بدت محاولات الكسر غير موفّقة أحياناً. لكنّ الشعبي أتى الأنجح على هذا الصعيد. ويجدر التنويه بأغنية «كذّاب» التي بدت أكثر تماسكاً من حيث توالي المعاني في مسار منطقي. لكنّ نجاح النص والدخلة الموسيقية التي تبشّر بأغنية جميلة، شوهتهما طريقة إلقاء رزق في أكثر من مكان. وطريقة الإلقاء هذه لا تعني أنّ هناك ضعفاً في صوت المغنية المتمكّن والمهذّب، لكنّ الإسهاب في التلوين الغربي لا يناسب بكلّ بساطة النص العربي.
ونشير إلى أنّ ألبوم «بيتنا» هو جزء من مشروع موسيقي عربي ترعاه شركة INCOGNITO اللبنانية، توزيعاً ونشراً ويشمل خمس دول عربية، هي مصر ولبنان وسوريا وفلسطين والأردن. ويُسهم هذا المشروع في إرساء مفهوم «الأسطوانة الأصلية» والحقوق الفكرية للمؤلف، وما يتبعها من حقوق تعود إلى المنتج والموزّع والناشر... وليس سرّاً أن هذا التقليد، لم يجد مكانه بعد في سوريا. وقد بدأت هذه الطريقة السليمة تجد طريقها إلى عالم الإنتاج والتوزيع الموسيقي، مع ألبوم فرقة «حوار» وألبوم لينا شماميان... وداخل سوريا، ترعى هذه الظاهرة، بالتعاون مع INCOGNITO، شركة «مجال» التي تتولّى التوزيع محلياً، وتنظيم الحفلات.
«بيتنا» ـــــ فرقة «إطار شمع»
إنتاج خاص، توزيع INCOGNITO و«مجال»