فاطمة داوود
من منّا يتصوّر حفلة فنية من دون نجوم أو جمهور؟ هذا السؤال يختصر مخاوف المنتجين في الفضائيات العربية التي تسجّل برامجها في بيروت، وتواجه اليوم تحدّيات الظروف الراهنة... «سألوني شو صايـر ببلد العيد»، إلخ...

ليس سرّاً أنّ الوسط الفني والإعلامي في العالم العربي يعيش على إيقاع بيروت، المدينة الصاخبة... إذا ما همدت همد معها، وإذا ما علت أمواجها تمايل على إيقاعها. هذا ما حصل الصيف الماضي، بعدما جمّد العدوان على لبنان، الحركة الفنية في القاهرة ودبي والمغرب العربي. يومها، نقلت محطات تلفزيونية بعض معداتها ومقدميها ومخرجيها من بيروت إلى عواصم عربية، بحثاً عن هدوء يؤمن لها الاستقرار. وما أن عاد الهدوء نسبياً إلى العاصمة اللبنانية، حتى سارع هؤلاء إلى العودة، مؤكدين أن تركيبة المدينة والكفاءات والتقنيات الموجودة فيها، تساعد في تقديم أعمال احترافية، يصعب إيجادها في أي مكان آخر. هكذا انطلق «ستار أكاديمي» في أصعب الظروف، ثم جاء دور «سوبر ستار»، و«ألبوم» وغيرها...
لكنّ الأحداث الأمنية الأخيرة التي يشهدها لبنان، أرخت من جديد بظلالها على المحطات المحلية والعربية والعالمية. وكان طبيعياً أن تحتل أخبار الاشتباكات بين الجيش اللبناني وحركة «فتح الإسلام»، وسلسلة الانفجارات الجديدة في بيروت والمناطق القريبة منها، الصدارة على الشاشة. كل هذا، وضع برامج الفرح والتسلية أمام مأزق حقيقي، قد يدفع بها إلى هجر بيروت من جديد.
مساء الأحد الماضي، عاش العاملون في تلفزيون «المستقبل» ارتباكاً ملحوظاً. كان ذلك قبل ساعات قليلة من بدء البثّ المباشر لبرنامج «سوبر ستار» الذي استضاف في حلقته قبل الأخيرة الفنان المصري إيهاب توفيق. بعد أخذ وردّ، حسمت إدارة المحطة موقفها، واتخذت قراراً بتسجيل الحلقة، وتأجيل عرضها إلى يوم الثلاثاء. لكنّ الرياح جرت عكس ما تشتهيه السفن، وازداد الوضع الأمني سوءاً. هنا أيضاً، أُجبرت المحطة على تأجيل العرض، وألغت اللقاء الذي كان سيجمع الصحافيين بنجوم البرنامج حتى إشعار آخر. وفيما حددت «المستقبل» يوم الرابع من حزيران (يونيو) المقبل موعداً مبدئياً لإعلان نتيجة الدورة الرابعة، تتخوف المحطة من نشوء إشكالات جديدة، تلغي العمل أو تأخره حتى إشعار آخر.
التحدّيات نفسها تعيشها قناة «روتانا». وفيما شارف «سوبر ستار» على النهائيات، بدأت المحطة السعودية أول من أمس عرض الموسم الثاني من برنامج «أكس فاكتور». مساء الأربعاء، توقّع بعض الصحافيين أن تلغي «روتانا» عرض البرنامج الذي يصور في «فوروم دو بيروت»، وخصوصاً بعد اعتذار المغني الكويتي عبد الله الرويشد عن المشاركة في سهرة الافتتاح. لكن «اكسير النجاح» تحدّى الظروف، وقدم حفلته الأولى في تمام الساعة العاشرة مساءً من دون الاستعانة بضيف من نجوم الصف الأول. والسبب، كما ذكر أحد الصحافيين، أنّ «مفاجأة» الرويشد لم تفسح بالمجال أمام الإدارة للاتصال بأي فنان آخر، فلم تجد أمامها سوى المغامرة بحضور نجمة «اكس فاكتور» للعام الماضي رجاء قصابيني. هكذا، استهلّ «اكس فاكتور» حلقاته بانفجار قوّي هزّ مدينة عاليه... وقبل أن يتوجه الصحافيون إلى «روتانا» بالانتقاد، افتتحت مقدمة البرنامج جويل رحمة السهرة بالقول: «لبنان قادر دائماً على الانبعاث من تحت الرماد، وتصدير الفرح في أحلك الظروف وأصعبها».
لكن ما مصير «اكس فاكتور» في الأسابيع المقبلة، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه؟ لا يخفي أحد الصحافيين الذين حضروا حفلة الافتتاح خوفه الشديد من المشاركة في برامج الهواة حيث يغصّ الاستوديو بالجمهور. ويقول: «كنّا خائفين جداً، وقد عشنا توتراً طوال بثّ الحلقة». من هنا، تخشى هذه البرامج أن تعود مجدداً إلى معمعة الصيف الماضي، وخصوصاً إذا أحجم الجمهور عن التوجه إلى الاستوديو، أو اعتذر النجوم العرب عن زيارة بيروت.
وهذه المشاكل قد تعرقل استمرار بث «ألبوم» على «أم بي سي» و «اكس فاكتور» على «روتانا»، ما قد يجعل «أم بي سي» و«روتانا» تفكران جدياً في الانتقال إلى إحدى العواصم العربية. والدليل أنّ «ألبوم» الذي يعرض عند التاسعة والنصف من مساء اليوم، سيصوّر عند الرابعة بعد الظهر (بدل بثّه مباشرة على الهواء)، تحسباً لأي أعمال عنف قد تشهدها بيروت ليلاً. أما «تاراتاتا» فقد كان الحظ حليفه، إذ صوّرت جميع حلقاته قبل بدء الاشتباكات في شمال لبنان. وبقيت في الميدان «أل بي سي» التي اعتادت مواجهة الظروف الصعبة، وها هي تطلق هذا المساء برنامجاً جديداً من ضروب تلفزيون الواقع بعنوان «قسمة ونصيب».
مساء الاثنين الماضي، دمّرت أجزاء من محترف المصمم نيكولا جبران، ومصفف الشعر جو رعد، والمزين بسام فتّوح (في مبنى واحد) في فردان. ومن يتابع أخبار الفنانين، يعرف أهمية هذه الأسماء الثلاثة في عالم الغناء... «مصنع النجوم» دخل دائرة الخطر؟