خالد صاغيّة
من البديهيّ القول إنّ مجموعة «فتح ــ الإسلام» لم تظهر فجأة. منذ أشهر عدّة، وأهالي مخيّم نهر البارد، كما أهالي طرابلس، يعلمون بوجودها المسلّح. إذا كانت السلطة وحدها لم تعلم بذلك، فهذه مصيبة. وإن كانت تعلم، ولم تحرّك ساكناً، فهذه مصيبة أكبر.
لندع جانباً الحديث عن دعم مادّي وتسهيلات أمنية قدّمتها السلطة، وتيّار «المستقبل» تحديداً، لهذه المجموعة. ولندقّق قليلاً في الخطاب الذي اعتمده تيّار المستقبل في السنتين الأخيرتين. لقد قام هذا الخطاب على ركائز عدّة، لعلّ أهمّها محاولة شدّ العصبيّة السنّيّة. وكانت لهذه العصبيّة وظيفتان أساسيّتان: الأولى، منع المسيحيّين من التفكير في أنّ الخروج السوري من لبنان سيتيح لهم العودة إلى مركز القرار. أمّا الوظيفة الثانية، فاستثارة مشاعر مذهبيّة توظَّف في المواجهة مع حزب الله.
وقع هذا الخطاب على أرض خصبة، وخصوصاً أنّ «المستقبل» كان قد انتهى لتوّه من إلغاء دور الزعامات السنّيّة التقليدية. فانتعشت التيارات الإسلاميّة المتشدّدة في الوسط السنّي، في ظلّ ظروف اجتماعيّة وسياسيّة ملائمة. هكذا، حين اشتدّ الحصار على فؤاد السنيورة، جاءت النجدة من هذا الوسط بالذات. قامت الجماهير بالرحلة من أقاصي الشمال إلى السرايا لا لنصرة نيوليبرالية سامي حدّاد، ولا اعتدال طارق متري، ولا لإنقاذ أرشيف الصور التي تجمع فؤاد السنيورة بجورج بوش. لكن لم ينتبه أحد لذلك، وما من شيء، آنذاك، كان ليمسح الابتسامة عن وجه أحمد فتفت.