strong> باسم الحكيم
ابتعد المخرج غسّان اسطفان في «المشهد الأخير» (كتابة جوزيف أبو دامس وإنتاج وفا ملك)، عن المواضيع التي تحوّلت إلى «كليشيهات» في الأفلام المحليّة. وهي تصبّ بمعظمها في خانة رصد انعكاسات الحرب اللبنانيّة على الناس عموماً وجيل الشباب خصوصاً. إلا أن «المشهد الأخير» كشف النقاب عن مشاكل نفسية منتشرة بقوة في مجتمعنا، لا تقلّ أهميّة عن تبعات الحرب، نظراً لارتباطها بحياتنا اليوميّة، وقد تجاهلها صنّاع الدراما طويلاً، على اعتبار أنها من المحظورات، وإن عولج بعضها في المسلسلات التلفزيونية بحذر. هكذا اختار غسّان اسطفان وجوزيف أبو دامس مجموعة من القضايا الحسّاسة، وتناولاها في فيلم واحد، على رغم أن كل موضوع يستحق عملاً مستقلاً... من المثلية الجنسية عند الرجال إلى التحرش بالشباب والنساء وتأثير ذلك على مستقبلهم، وصولاً إلى أطفال الأنابيب بين حكم القانون وحكم الدين، وغيرها.
وإذا كان اسطفان قد حاول تفادي الوقوع في فخّ التطويل، معتمداً نهج «خير الكلام ما قل ودل»، فقد وقع في فخّ الاختصار بعدما اختزل النسخة الأصلية للفيلم (ساعتان وربع)، إلى ساعة ونصف تقريباً، خشية ملل المشاهد. وهنا، حال الاختصار دون إيفاء كل هذه المواضيع حقّها، فمرّ العمل على القضايا الساخنة مرور الكرام، فيما قارب بعضها الآخر بحياء. قد يعود السبب إلى إرادة المخرج تقديم فيلم عائلي، لا يتضمّن أيّ مشهد مثير، فاستعاض عن التصريح بالتلميح.. مع أن مشاهد الجنس قد تخدم الحبكة الدرامية إذا جاءت في مكانها المناسب، بخلاف بعض الأفلام الأخرى التي تتعمد إقحام هذا النوع من المشاهد، بهدف استدراج جمهور الشباب أو حتى استفزاز النقاد.
هكذا مرّ الفيلم من دون أن تتضح معالم العقدة النفسيّة التي يعانيها المخرج عمّار (عمّار شلق)، وهو يبحث عن نهاية فيلم يعدّ له منذ بداية الأحداث وحتى المشهد الأخير. لكنه بدا شاباً طبيعيّاً يعيش قصّة حب عادية مع برنا (برناديت حديب). ولولا الكوابيس التي كانت تقضّ مضجعه وتذكّره بالماضي، وبعض المشاهد التي أظهرت شخصاً مجهولاً (يكشف لاحقاً من هو)، يخطط للانتقام من بطلة الفيلم الثانية وفا (وفا ملك)، لبدا المشهد الأخير ــــــ وهو الـ «ماستر سين» MASTER SCENE باللغة السينمائيّة ــــــ دخيلاً على الأحداث. أضف إلى ذلك أن الفيلم لم يسلط الضوء كفاية على مسألة المثلية الجنسية، وهي محوريّة في الأحداث، وترتبط بشخصيتين رئيسيتين: عمّار الذي اتخذ قرار الانتقام من رجل أجبره وعوّده ممارسة الجنس معه، والأستاذة الجامعيّة وفا التي ثارت على زوجها يوم عرفت أنه منحرف جنسياً، وسافرت إلى فرنسا، وهناك أنجبت طفلة أنبوب، ثم عادت إلى أرض الوطن لتبدأ صراعاً على الإرث مع شقيقها برهان (خالد السيد).
وفي هذا الإطار، أدان الفيلم المثليين، بعيداً عن أي محاولة لمعالجة ما يعترضهم من مشكلات. كذلك الأمر بالنسبة إلى قضية غسّان (غسّان أسطفان) الذي يعاني بدوره من مشاكل نفسيّة، واكتفى المخرج بملامستها عن بعد من خلال حوار دار بينه وبين المذيع جو (جوزيف أبو دامس). تجدر الإشارة أخيراً إلى أن الفيلم الذي بدأ عرضه في السابع من الشهر الجاري، تمكّن من تحقيق نسبة إقبال جيّدة، على رغم الأوضاع الأمنية المضطربة التي تعيشها البلاد، قبل أن تتراجع قليلاً بسبب سلسلة الانفجارات في الأسبوع الماضي.
يشارك في البطولة كل من وفاء طربية، خالد السيد، جان قسيس وعماد فغالي.

العرض مستمر في صالات «بلانيت»