بيار أبي صعب
«شهرزاد ليست مغربيّة» عنوان كتاب شهير لفاطمة المرنيسي، يعدّ اليوم من المراجع الأساسيّة في الفكر النسوي العربي. شهرزاد جزائريّة يمكن أن نردّ، ونحن نتصفّح كتاباً نادراً صدر عن «دار برزخ» التي يديرها الأديب سفيان حجاج في الجزائر العاصمــة. الكـــتــب الفنّية نادرة للأسف عندنا. كأن الكتاب العربي بقي على علاقة حذر بالصورة. أو كأنّه، في أفضل الحالات، ما زال يتعامل مع المادة البصريّة بصفتها عنصراً تزيينياً، تابعاً للنص المكتوب.
تجارب قليلة حاولت أن تزاوج بين الخطاب التشكيلي والكتابة، ضمن منظومة واحدة. نشير مثلاً إلى أعمال الفنان العراقي ضياء العزّاوي مع نصوص قاسم حدّاد ومحمّد بنّيس وأدونيس. غير أن مشروع «ألف ليلة وليلة ـــ بتعبير آخر»، يبدو فريداً على أكثر من مستوى. الكتاب صدر في مناسبة معرض تشكيلي لأعمال عمّار بوراس ونور الدين فرّوخي، حول تيمة شهرزاد. ومع ذلك، فهو أبعد ما يكون عن الكاتالوغ. إنه أنطولوجيا حقيقيّة، متعددة الآفاق، جمعت نصوصاً مرجعيّة حول «ألف ليلة وليلة»، ومقتطفات من هذا الصرح الأدبي الشعبي، ولوحات بوراس وفرّوخي طبعاً.
الكتاب «تحفة» بحد ذاتها، نقيم معه علاقة حسية: من الإخراج إلى الورق والحروف والحبر... كل شيء يدعونا إلى السفر. نستعيد نصوصاً للراحل جمال الدين بن شيخ (ترجم الليالي إلى لغة موليير مع أندريه ميكال)، أو رشيدة تريكي، بيترو تشيتاتي أو نجيب محفوظ، من دون أن ننسى آسيا جبار وعبد الفتاح كليطو وواسيني الأعرج... ويحتضن الكتاب نصوصاً خاصة به، بينها واحد بعنوان Sex لزميلنا عدلان مدّي. إنه احتفال حقيقي بشهرزاد... صاحبة «الهمس العابر للضمائر والعصور»، بتعبير بن شيخ.