strong>ليال حداد
ينظر إبراهيم خير الله بعجلة الى ساعته الذهبية. فموعده التالي بعد نصف ساعة تقريباً ولا يريد أن يتأخر، عليه أن يصالح عاشقين متخاصمين.
حيلته بسيطة “باقة زهور وكلمتين حب وغرام وبيمشي الحال”. هكذا يلخص العم إبراهيم مهمته. فهذا هذا الرجل الستيني يعمل بائعاً للزهور منذ أكثر من أربعين عاماً تقريباً. قبل سنتين أجرى تغييراً صغيراً في مهمات عمله، فلم يعد يكتفي بإيصال باقات الزهور الى البيوت والى العشاق المتخاصمين، بل بات يعمل على مصالحة هؤلاء “لإعادة الوئام بينهم”.
ينظر العم ابراهيم الى زهوره الملونة. يشرد قليلاً وهو يتذكر المرة الأولى التي صالح فيها عاشقين، ويروي: «كان ذلك في عيد العشاق قبل عامين»، يصمت قليلاً محاولاً أن يتذكر أدق التفاصيل، ويتابع: “طلب مني شاب أن أُرسل الى حبيبته أكبر باقة ورد أحمر ، وأن أقول لها إنه يعتذر عما فعله بها. عندما وصلت الى بيت الشابة وأعطيتها الباقة وقلت لها إن حبيبها آسف على ما فعله بها، لسبب ما فتحت لي قلبها وأخبرتني بالقصة الكاملة، وطلبت مني أن أنصحها، وقمت بتدبير موعد بينهما وتصالحا». ومع هذه النهاية السعيدة ترتسم ابتسامة على وجه العم ابراهيم.
يستأذن بائع الورود محدثه ليروي النباتات الموجودة في متجره، ثم يكمل قصصه المشوقة عن العشاق ومشاكلهم، فيقول: “منذ تلك الحادثة أصبح لقبي «موفّق العشاق» وأصبح كل المتخاصمين يقصدون متجري طلباً للنصيحة، وأنا أحب هذا الدور، فأنا تزوجت مرة في حياتي وفشل زواجي لذلك أحاول أن أساعد الآخرين قدر المستطاع».
القصص الطريفة التي يرويها العم إبراهيم كثيرة، منها قصة جارته الطفلة التي تبلغ من العمر 8 سنوات، التي أتت اليه طالبة منه أن يسأل جارها البالغ من العمر العاشرة إن كان يفضلها على شقيقتها لأنها تحبه. فأعطاها العم ابراهيم شوكولا وعصيراً وطلب منها أن تنسى ابن الجيران لأنها صغيرة على الحب، اقتنعت الطفلة بكلام بائع الورد، وصارت تقصده للحصول على ما لذ وطاب من الحلويات.
لا تتوقف قصص ابراهيم خير الله عند هذا الحد، فهناك بعض الأشخاص الذين يرفضون أن يتدخل أحد في شؤونهم الشخصية فحالما يعطيهم نصيحة ينهالون عليه بالشتائم. ويتذكر امراة رفضت مرة أن تأخذ باقة الورد منه لأنه قال لها إن زوجها المتخاصم معها يحبها، وأقفلت الباب في وجهه.
من ناحية أخرى، لشهادات أهل الحي في منطقة الأشرفية قيمة كبيرة في قلب العم إبراهيم فهو يعتز بحبهم له ويقول: “هدفي إ أن أسعد الناس، وأن أبعد الخصام عن المتحابين، لذلك أفرح حين أسمع أحد الذين ساعدتهم يحلف باسمي او يتمنى لي طول العمر».
تقول ربى خوري إنها تزوجت العام الماضي وإن الفضل في زواجها يعود الى «عمو ابراهيم الذي أخبرني كم أن خطيبي نادم على فسخ علاقته بي، وهو الذي دبر لنا لقاءً سرياً دون علمنا، واذا أنجبت صبياً فسأسميه ابراهيم». تختار ربى باقة ورد لزوجها وتغادر المتجر بعد أن تطبع قبلة على وجنة “موفّق العشاق”.